{76-82} {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} . إلى آخر القصة
يخبر تعالى عن حالة قارون وما [فعل] وفُعِلَ به ونُصِحَ ووُعِظَ، فقال: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} أي: من بني إسرائيل، الذين فُضِّلوا على العالمين، وفاقوهم في زمانهم، وامتن الله عليهم بما امتن به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة، ولكن قارون هذا، بغى على قومه وطغى، بما أوتيه من الأموال العظيمة المطغية {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} أي: كنوز الأموال شيئا كثيرا، {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ [أُولِي الْقُوَّةِ} والعصبة] ، من العشرة إلى التسعة إلى السبعة، ونحو ذلك. أي: حتى أن مفاتح خزائن أمواله لتثقل الجماعة القوية عن حملها، هذه المفاتيح، فما ظنك بالخزائن؟ {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} ناصحين له محذرين له عن الطغيان: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي: لا تفرح بهذه الدنيا العظيمة، وتفتخر بها، وتلهيك عن الآخرة، فإن الله لا يحب الفرحين بها، المنكبين على محبتها.
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} أي: قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند الله، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات، {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أي: لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعا، بل أنفق لآخرتك، واستمتع بدنياك استمتاعا لا يثلم دينك، ولا يضر بآخرتك، {وَأَحْسِنْ} إلى عباد الله {كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} بهذه الأموال، {وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ} بالتكبر والعمل بمعاصي الله والاشتغال بالنعم عن المنعم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} بل يعاقبهم على ذلك، أشد العقوبة.