{91-93} {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} .
أي: قل لهم يا محمد {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} أي: مكة المكرمة التي حرمها وأنعم على أهلها فيجب أن يقابلوا ذلك بالشكر والقبول. {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} من العلويات والسفليات أتى به لئلا يتوهم اختصاص ربوبيته بالبيت وحده. {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (?) أي: أبادر إلى الإسلام، وقد فعل صلى الله عليه وسلم فإنه أول هذه الأمة إسلاما وأعظمها استسلاما.
{و} أمرت أيضا {أن أَتْلُوَ} عليكم {الْقُرْآنُ} لتهتدوا به وتقتدوا وتعلموا ألفاظه ومعانيه فهذا الذي علي وقد أديته، {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} نفعه يعود عليه وثمرته عائدة إليه {وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} وليس بيدي من الهداية شيء.
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} الذي له الحمد في الأولى والآخرة ومن جميع الخلق، خصوصا أهل الاختصاص والصفوة من عباده، فإن الذي ينبغي أن يقع منهم من الحمد والثناء على ربهم أعظم مما يقع من غيرهم لرفعة درجاتهم وكمال قربهم منه وكثرة خيراته عليهم.
{سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} معرفة تدلكم على الحق والباطل، فلا بد أن يريكم من آياته ما تستنيرون به في الظلمات. {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}
{وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} بل قد علم ما أنتم عليه من الأعمال والأحوال وعلم مقدار جزاء تلك الأعمال وسيحكم بينكم حكما تحمدونه عليه ولا يكون لكم حجة بوجه من الوجوه عليه.
تم تفسير سورة النمل بفضل الله وإعانته وتيسيره.
ونسأله تعالى أن لا تزال ألطافه ومعونته مستمرة علينا وواصلة منه إلينا، فهو أكرم الأكرمين وخير الراحمين وموصل المنقطعين ومجيب السائلين.
ميسر الأمور العسيرة وفاتح أبواب بركاته والمجزل في جميع الأوقات هباته، ميسر القرآن للمتذكرين ومسهل طرقه وأبوابه للمقبلين وممد مائدة خيراته ومبراته للمتفكرين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
على يد جامعه وممليه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، وذلك في 22 رمضان سنة 1343.
المجلد السادس من تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، من منن الله على الفقير إلى المعيد المبدي: عبده وابن عبده وابن أمته: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي غفر الله له آمين.
تفسير سورة القصص
وهي مكية