{وَأَنزلَ لَكُمْ} أي: لأجلكم {مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ} أي: بساتين {ذَاتَ بَهْجَةٍ} أي: حسن منظر من كثرة أشجارها وتنوعها وحسن ثمارها، {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} لولا منة الله عليكم بإنزال المطر. {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل هذه الأفعال حتى يعبد معه ويشرك به؟ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} به غيره ويسوون به سواه مع علمهم أنه وحده خالق العالم العلوي والسفلي ومنزل الرزق.
-[608]-
{61} {أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .
أي: هل الأصنام والأوثان الناقصة من كل وجه التي لا فعل منها ولا رزق ولا نفع خير؟ أم الله الذي {جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا} يستقر عليها العباد ويتمكنون من السكنى والحرث والبناء والذهاب والإياب. {وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا} أي: جعل في خلال الأرض أنهارا ينتفع بها العباد في زروعهم وأشجارهم، وشربهم وشرب مواشيهم.
{وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} أي: جبالا ترسيها وتثبتها لئلا تميد وتكون أوتادا لها لئلا تضطرب. {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} البحر المالح والبحر العذب {حَاجِزًا} يمنع من اختلاطهما فتفوت المنفعة المقصودة من كل منهما بل جعل بينهما حاجزا من الأرض، جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار فيحصل منها مقاصدها ومصالحها، {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل ذلك حتى يعدل به الله ويشرك به معه. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم وإلا فلو علموا حق العلم لم يشركوا به شيئا.