فقال نوح عليه السلام: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ} أي أعمالهم وحسابهم على الله إنما علي التبليغ وأنتم دعوهم عنكم إن كان ما جئتكم به الحق فانقادوا له وكل له عمله

{وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} كأنهم - قبحهم الله - طلبوا منه أن يطردهم عنه تكبرا وتجبرا ليؤمنوا فقال {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} فإنهم لا يستحقون الطرد والإهانة وإنما يستحقون الإكرام القولي والفعلي كما قال تعالى {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}

{إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي ما أنا إلا منذر ومبلغ عن الله ومجتهد في نصح العباد وليس لي من الأمر شيء إن الأمر إلا لله.

-[595]-

فاستمر نوح عليه الصلاة والسلام على دعوتهم ليلا ونهارا سرا وجهارا فلم يزدادوا إلا نفورا و {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ} من دعوتك إيانا إلى الله وحده {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} أي لنقتلك شر قتلة بالرمي بالحجارة كما يقتل الكلب فتبا لهم ما أقبح هذه المقابلة يقابلون الناصح الأمين الذي هو أشفق عليهم من أنفسهم بشر مقابلة لا جرم لما انتهى ظلمهم واشتد كفرهم دعا عليهم نبيهم بدعوة أحاطت بهم فقال {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} الآيات

وهنا {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا} أي أهلك الباغي منا وهو يعلم أنهم البغاة الظلمة ولهذا قال {وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

{فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} أي السفينة {الْمَشْحُونِ} من الخلق والحيوانات

{ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ} أي بعد نوح ومن معه من المؤمنين {الْبَاقِينَ} أي جميع قومه

{إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي نجاة نوح وأتباعه وإهلاك من كذبه {لآيَةً} دالة على صدق رسلنا وصحة ما جاءوا به وبطلان ما عليه أعداؤهم المكذبون بهم

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي قهر بعزه أعداءه فأغرقهم بالطوفان {الرَّحِيمُ} بأوليائه حيث نجى نوحا ومن معه من أهل الإيمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015