قيل: واتقوا اللَّه يوم جمعه. أو ظرف لقوله: (لا يَهْدِي) (?) أى لا يهديهم طريق الجنة يومئذ كما يفعل بغيرهم. أو ينصب على إضمار اذكر. أو يوم يجمع اللَّه الرسل كان كيت وكيت.

وماذا منتصب بأجبتم (?) انتصاب مصدره، على معنى: أى إجابة أجبتم. ولو أريد الجواب لقيل: بماذا أجبتم. فإن قلت: ما معنى سؤالهم؟ قلت: توبيخ قومهم، كما كان سؤال الموؤدة توبيخاً للوائد. فإن قلت: كيف يقولون لا عِلْمَ لَنا وقد علموا بما أجيبوا؟ قلت: يعلمون أن الغرض بالسؤال توبيخ أعدائهم، فيكلون الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم (?) وكابدوا من سوء إجابتهم، إظهاراً للتشكى واللجإ إلى ربهم في الانتقام منهم، وذلك أعظم على الكفرة وأفت في أعضادهم وأجلب لحسرتهم وسقوطهم في أيديهم، إذا اجتمع توبيخ اللَّه وتشكى أنبيائه عليهم. ومثاله أن ينكب بعض الخوارج على السلطان خاصة من خواصه نكبة قد عرفها السلطان واطلع على كنهها وعزم على الانتصار له منه، فيجمع بينهما ويقول له: ما فعل بك هذا الخارجي وهو عالم بما فعل به، يريد توبيخه وتبكيته، فيقول له: أنت أعلم بما فعل بى تفويضاً للأمر إلى علم سلطانه، واتكالا عليه، واظهاراً للشكاية، وتعظيما لما حل به منه. وقيل: من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون (?) عن الجواب، ثم يجيبون بعد ما تثوب إليهم عقولهم بالشهادة على أممهم. وقيل: معناه علمنا ساقط مع علمك ومغمور به، لأنك علام الغيوب. ومن علم الخفيات لم تخف عليه الظواهر التي منها إجابة الأمم لرسلهم، فكأنه لا علم لنا إلى جنب علمك. وقيل: لا علم لنا بما كان منهم بعدنا، وإنما الحكم للخاتمة. وكيف يخفى عليهم أمرهم وقد رأوهم سود الوجوه زرق العيون موبخين. وقرئ (علام الغيوب) بالنصب (?) على أنّ الكلام قد تم بقوله إِنَّكَ أَنْتَ أى إنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره ثم نصب علام الغيوب على الاختصاص، أو على النداء، أو هو صفة لاسم أنّ إِذْ قالَ اللَّهُ بدل من (يَوْمَ يَجْمَعُ) والمعنى: أنه يوبخ الكافرين يومئذ بسؤال الرسل عن إجابتهم، وبتعديد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015