ويجوز أن يرتفعا باستحق، أى من الذين استحق عليهم انتداب الأوليين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال. وقرئ الأوّلين على أنه وصف للذين استحق عليهم، مجرور، أو منصوب على المدح. ومعنى الأولية التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها. وقرئ: الأولين، «1» على التثنية، وانتصابه على المدح. وقرأ الحسن: الأولان، ويحتج به من يرى رد اليمين على المدعى. وأبو حنيفة وأصحابه لا يرون ذلك، فوجهه عندهم أن الورثة قد ادعوا على النصرانيين أنهما قد اختانا فحلفا، فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتما، فأنكر الورثة فكانت اليمين على الورثة، لإنكارهم الشراء. فإن قلت: فما وجه قراءة من قرأ استحق عليهم الأوليان على البناء للفاعل، وهم على وأبىّ وابن عباس؟ قلت: معناه من الورثة الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة، أن يجرّدوهما للقيام بالشهادة، ويظهروا بهما كذب الكاذبين ذلِكَ الذي تقدم من بيان الحكم أَدْنى أن يأتى الشهداء على نحو تلك الحادثة بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ أن تكرّ «2» أيمان شهود آخرين بعد إيمانهم «فيفتضحوا بظهور كذبهم كما جرى في قصة بديل وَاسْمَعُوا سمع إجابة وقبول.
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (110)
يَوْمَ يَجْمَعُ بدل من المنصوب «3» في قوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) وهو من بدل الاشتمال، كأنه