بينكم كما اختلفت اليهود والنصارى، أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية متدابرين يعادى بعضكم بعضا ويحاربه، أو ولا تحدثوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه الاجتماع والألفة التي أنتم عليها مما يأباه جامعكم والمؤلف بينكم، وهو اتباع الحق والتمسك بالإسلام. كانوا في الجاهلية بينهم الإحن والعداوات والحروب المتواصلة، فألف اللَّه بين قلوبهم بالإسلام. وقذف فيها المحبة فتحابوا وتوافقوا وصاروا إِخْواناً متراحمين متناصحين مجتمعين على أمر واحد قد نظم بينهم وأزال الاختلاف، وهو الأخوة في اللَّه: وقيل: هم الأوس والخزرج، كانا أخوين لأب وأم، فوقعت بينهما العداوة وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة إلى أن أطفأ اللَّه ذلك بالإسلام وألف بينهم برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ وكنتم مشفين (?) على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها بالإسلام. والضمير للحفرة أو للنار أو للشفا (?) وإنما أنث لإضافته إلى الحفرة وهو منها كما قال:
كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ (?)