باللَّه متوقع للهدى، كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
حَقَّ تُقاتِهِ واجب تقواه وما يحق منها، وهو القيام بالمواجب واجتناب المحارم، ونحوه (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) يريد: بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئا. وعن عبد اللَّه:
هو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى «1» » وروى مرفوعا. وقيل:
هو أن لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه. وقيل: لا يتقى اللَّه عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه، والتقاة من اتقى كالتؤدة من اتأد وَلا تَمُوتُنَّ معناه:
ولا تكوننّ على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت، كما تقول لمن تستعين به على لقاء العدوّ: لا تأتنى إلا وأنت على حصان، فلا تنهاه عن الإتيان ولكنك تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإتيان. قولهم اعتصمت بحبله: يجوز أن يكون تمثيلا لاستظهاره به ووثوقه بحمايته، بامتساك المتدلى من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه، وأن يكون الحبل استعارة لعهده والاعتصام لوثوقه بالعهد، أو ترشيحا لاستعارة الحبل بما يناسبه. والمعنى:
واجتمعوا على استعانتكم باللَّه ووثوقكم به ولا تفرقوا عنه. أو واجتمعوا على التمسك بعهده إلى عباده وهو الإيمان والطاعة أو بكتابه لقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم «القرآن حبل اللَّه المتين لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الردّ، من قال به صدق ومن عمل به رشد، ومن اعتصم به هدى إلى صراط مستقيم» «2» . وَلا تَفَرَّقُوا ولا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف