وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)
سلخ جلد الشاة: إذا كشطه عنها وأزاله. ومنه: سلخ الحية لخرشائها «1» ، فاستعير لازالة الضوء وكشفه عن مكان الليل وملقى ظله مُظْلِمُونَ داخلون في الظلام، يقال: أظلمنا، كما تقول: أعتمنا وأدجينا «2» لِمُسْتَقَرٍّ لَها لحدّ لها مؤقت مقدّر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة، شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، أو لمنتهى لها من المشارق والمغارب، لأنها تتقصاها مشرقا مشرقا ومغربا مغربا حتى تبلغ أقصاها، ثم ترجع فذلك حدها ومستقرّها، لأنها لا تعدوه أو لحدّ لها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب. وقيل: مستقرّها: أجلها الذي أقر الله عليه أمرها في جريها، فاستقرت عليه وهو آخر السنة. وقيل: الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها وهو يوم القيامة.
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)
وقرئ: تجرى إلى مستقر لها. وقرأ ابن مسعود: لا مستقرّ لها، أى: لا تزال تجرى لا تستقر. وقرئ: لا مستقر لها، على أنّ لا بمعنى ليس ذلِكَ الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق الذي تكل الفطن عن استخراجه وتتحير الأفهام في استنباطه. ما هو إلا تقدير الغالب بقدرته على كل مقدور، المحيط علما بكل معلوم. قرئ: والقمر رفعا على الابتداء، أو عطفا على الليل. يريد: من آياته القمر، ونصبا بفعل يفسره قدرناه، ولا بدّ في قَدَّرْناهُ مَنازِلَ من تقدير مضاف، لأنه لا معنى لتقدير نفس القمر منازل. والمعنى: قدرنا مسيره منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا، ينزل القمر كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه، على تقدير مستو لا يتفاوت، يسير فيها كل ليلة من المستهل إلى الثامنة والعشرين، ثم يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر، وهذه المنازل هي مواقع النجوم التي نسبت إليها العرب الأنواء المستمطرة، وهي: الشرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الهنعة، الذراع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة، الصرفة، العوّا، السماك، الغفر، الزباني، الإكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم،