بالأفعال، ونحوه:

ولقد امر على اللّئيم يسبني (?)

وقوله فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ بتقديم الظرف للدلالة على أن الحب هو الشيء الذي يتعلق به معظم العيش ويقوم بالارتزاق منه صلاح الإنس، وإذا قل جاء القحط ووقع الضرّ، وإذا فقد جاء الهلاك ونزل البلاء. قرئ وَفَجَّرْنا بالتخفيف والتثقيل، والفجر والتفجير، كالفتح والتفتيح لفظا ومعنى. وقرئ ثَمَرِهِ بفتحتين وضمتين وضمة وسكون، والضمير لله تعالى: والمعنى:

ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر وَمن ما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ من الغرس والسقي والآبار، وغير ذلك من الأعمال إلى أن بلغ الثمر منتهاه وإبان أكله، يعنى أنّ الثمر في نفسه فعل الله وخلقه، وفيه آثار من كد بنى آدم، وأصله من ثمرنا كما قال: وجعلنا، وفجرنا، فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة على طريقة الالتفات. ويجوز أن يرجع إلى النخيل، وتترك الأعناب غير مرجوع إليها، لأنه علم أنها في حكم النخيل فيما علق به من أكل ثمره. ويجوز أن يراد من ثمر المذكور وهو الجنات، كما قال رؤبة:

فيها خطوط من بياض وبلق ... كأنّه في الجلد توليع البهق (?)

فقيل له، فقال: أردت كأن ذاك: ولك أن تجعل «ما» نافية على أنّ الثمر خلق الله ولم تعمله أيدى الناس ولا يقدرون عليه. وقرئ على الوجه الأوّل، وما عملت من غير راجع، وهي في مصاحف أهل الكوفة كذلك، وفي مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام مع الضمير الْأَزْواجَ الأجناس والأصناف وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها ولا توصلوا إلى معرفتها بطريق من طرق العلم، ولا يبعد أن يخلق الله تعالى من الخلائق الحيوان والجماد ما لم يجعل للبشر طريقا إلى العلم به، لأنه لا حاجة بهم في دينهم ودنياهم إلى ذلك العلم، ولو كانت بهم اليه حاجة لأعلمهم بما لا يعلمون، كما أعلمهم بوجود ما لا يعلمون. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: لم يسمهم. وفي الحديث «ما لا عين رأت (?) ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بله ما أطلعتهم عليه» فأعلمنا بوجوده وإعداده ولم يعلمنا به ما هو، ونحوه فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وفي الإعلام بكثرة ما خلق مما علموه ومما جهلوه ما دلّ على عظم قدرته واتساع ملكه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015