شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ على أنى بلغت ما أرسالات به إليكم، وأنكم كذبتم وعاندتم إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ المنذرين والمنذرين خَبِيراً عالما بأحوالهم، فهو مجازيهم. وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد للكفرة. وشهيدا: تمييز أو حال.

[سورة الإسراء (17) : الآيات 97 الى 98]

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (97) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ ومن يوفقه ويلطف به فَهُوَ الْمُهْتَدِي لأنه لا يلطف إلا بمن عرف أن اللطف ينفع فيه وَمَنْ يُضْلِلْ ومن يخذل فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ أنصارا. عَلى وُجُوهِهِمْ كقوله: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم قال: «إن الذي أمشاهم على أقدامهم، قادر على أن يمشيهم على وجوههم»

» عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا كما كانوا في الدنيا، لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق، ويتصامّون عن استماعه، فهم في الآخرة كذلك: لا يبصرون ما يقرّ أعينهم، ولا يسماعون ما يلذ مسامعهم «2» ولا ينطقون بما يقبل منهم. ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى. ويجوز أن يحشروا مؤفى الحواس من الموقف إلى النار بعد الحساب، فقد أخبر عنهم في موضع آخر أنهم يقرؤن ويتكلمون كُلَّما خَبَتْ كلما أكلت جلودهم ولحومهم وأفنتها فسكن لهبها، بدلوا غيرها، فرجعت ملهبة مستعرة، كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها ثم يعيدها، لا يزالون على الإفناء والإعادة، ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث، ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد، وقد دل على ذلك بقوله ذلِكَ جَزاؤُهُمْ إلى قوله أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015