فإن قلت: قد شرط في امتناع صرف فعلان أن يكون فعلان فعلى واختصاصه باللَّه يحظر أن يكون فعلان فعلى، فلم تمنعه الصرف؟ قلت: كما حظر ذلك أن يكون له مؤنث على فعلى كعطشى فقد حظر أن يكون له مؤنث على فعلانة كندمانة، فإذاً لا عبرة بامتناع التأنيث للاختصاص العارض فوجب الرجوع إلى الأصل قبل الاختصاص وهو القياس على نظائره.
فإن قلت: ما معنى وصف اللَّه تعالى بالرّحمة «1» ومعناها العطف والحنوّ ومنها الرحم لانعطافها على ما فيها؟ قلت: هو مجاز عن إنعامه على عباده لأنّ الملك إذا عطف على رعيته ورق لهم أصابهم بمعروفه وإنعامه، كما أنه إذا أدركته الفظاظة والقسوة عنف بهم ومنعهم خيره ومعروفه. فإن قلت: فلم قدّم ما هو أبلغ من الوصفين على ما هو دونه، «2» والقياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم: فلان عالم نحرير، وشجاع باسل، وجودا فياض؟ قلت: لما قال الرَّحْمنِ فتناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها، أردفه الرَّحِيمِ كالتتمة والرديف ليتناول ما دقّ منها ولطف.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (?) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (?)
الحمد والمدح أخوان، وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها. تقول: حمدت الرجل على إنعامه، وحمدته على حسبه وشجاعته.
وأمّا الشكر فعلى النعمة خاصة وهو بالقلب واللسان والجوارح قال:
أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ منِّى ثلاثةً ... يَدِي ولِسَانِى والضَّمِيرَ المُحَجَّبَا «3»