قوله - عز وجل:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} الآية (285) - سورة البقرة.
إن قيل: لم لم يذكر هاهنا اليوم الآخر، وقد ذكره في قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} الآية؟
قيل: لأمور: أحدها أنه نبه عليه بذكرها في غيرها، والثاني: أن الإيمان بكتبه ورسله مقتض للإيمان باليوم الآخر أظهر عند المؤمنين من أن يحتاج إلى ذكره مفصلاً، ألاً ترى أنه قال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} فاقتصر على ذلك ولم يصفه بما وصف به المؤمنين بقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} تنبيها على أن ذلك بحيث يستغنى عن ذكرها وهذا الجواب علي قراءة من وقف على فوله: {مِنْ رَبِّهِ} ...
والرابع: إن في قوله: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} دلالة على إيمانهم باليوم الآخر، وقال بعضهم: إنما أفرد إيمان اللنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ} ثم قال: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ}، تنبيهاً على شرف إيمانه - عليه الصلاة والسلام-، وأنه سابق لإيمانهم، وأن لا واسطة بمنه- عليه الصلاة والسلام-، وبين الإيمان كما بين إيمان المؤمنين وبين الإيمان به واسطة، وقرأً " ابن عباس " وكتابه "، قال: وهو أبلغ، لقوله: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}، ولأن الكتاب للجنس، ولأنه ليس مع