إن قيل: " الحمد لله " خبر.
ويقتضي مخبراً.
فما الفائدة في إيراده في الخلوات؟ قيل: أما في القرآن.
فلما ندب الله تعالى إلى تلاوته.
وأما في غيره.
فلئى ينفك من حمده في شيء من الأحوال، كما لا ينفك من نعمه اعترافاً له بها، فكأنه هو المخبر.
قوله - عز وجل -:
{رَبِّ الْعَالَمِينَ} الآية: (2) سورة الفاتحة
الرب - في الأصل - التربية: يقال: رَبَّهُ ورَبَّاهُ، فسُمي الرابُّ رباً لزيادة معنى تُصوُرَّ منه [لرحمته] ومنه قيل:
" لأن يَرُبُّني رجُل من قريش أحبُّ إلي من أن يَرُبُّني رجل من هوازن " فـ " رب العالمين ": هو المتكفل بمصلحتهم، ولا يقال: " الرب " - مطلقاً بالألف واللام - إلا الله تعالى.
وتسميتهم إياه بذلك للنظر إلى آلائه.
قال بعض المحققين - في الفرق بين قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} قال: حيث خاطب الناس كافة حثهم على اتقائه برؤية آلائه، لاشتراكهم كلهم في معرفتها وتصورهم إياها.
وحيث خاطب المؤمنين حثهم على اتقائه بلا واسطة.
و" العالم ": اسم للفلك وما يحويه، وجميع ما فيه من الجواهر والأعراض.
وهو في الأصل:: اسم لما يعلم به.
و" فاعل ": كثيراً ما يجئ في اسم الآلة التي فعل بها الشيء كـ " الطابع " و " الخاتم " و " القالب ".
فجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة في الدلالة وعلى صانعه.
وأما جمعه، فقد قيل لأن الله تعالى بضعة عشرين عالماً.
ولما كان في جملاتها الناس جمع جمعهم إذ من شأن الإنسان - إذا شارك غيره في اللفظ - أن يكون الحكم في اللفظ له.
وقيل: لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس دون غيرها - وإليه ذهب ابن عباس ومجاهد -[رضي الله عنهما]، وقيل: عنى به الناس وجعل كل واحد منهم عالماً - قال ذلك جعفر بن محمد، قال: العالمُ عالَماَن، عالم كبير، وهو الفلك بما فيه، وعالم صغير، وهو الإنسان.