بقوله: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}، وسموا الأصنام آلهة لذلك، وأصله: إلاه، فحذفوا همزته، وجعلوا الألف واللام عوضاً منها، ولكونهما عوضاً استجيز قطع الهمزة الموصولة، وإدخال حرف النداء عليه في قولهم: " يالله " وقال سيبويه - في موضع: أصله: لاه، على " فَعْل " من لاه - يلوه لياهاً، أي: احتجب، قالوا: وذلك إشارة إلى ما قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}، وقيل: من أله: إذا فزع، وألهه: أي: أجارهُ وأمَّنَهُ.
وإلا له اسم المفزوع إليه كالإمام لمن يؤتم به. وقيل هو من أله يأله، إذا تحير، وكأنه عنى ذلك أمير المؤمنين - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: " كَلَّ دونَ صفاته تحبيرُ اللغات وضل فيما هناك تصاريف والصفات "، ومنع قيل في صفة المفازة: والعاتية تأله العينُ وَسْطَهَا " وقيل: أصله: ولاه، من وَلِهَ يَوْلهُ " فقلب الواو همزة، فيكون الإله اسماً لما يُؤْلَهُ نحوه.
فمن الناس من قال: إن ذلك قيل لأن الأشياء تأله نحوه إما تسخيراً، وإما أرادة وقصداً، كما أنه يُسَبَّحُ له لذلك.
وعلى هذا قال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} وذلك إما تسخيراً وإما إراداة ومنهم من قال ذلك مختص بالعقول التي فطرها الله تعالى وأشار إليها بقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، لأن العقول بفطرتها دالة على وحدانية ومُنْبِئّةٌ عن وجوب شكره ما لم يدسها صاحبها كما قال تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، ومنهم من قال: ذلك مختص بالأحوال التي ينقطع الإنسان عن غيره، فيقصده بفكره، وإليه أشار بقوله: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُون}، ومنهم من قال: مختص بالعباد المخلصين والعبادة عنه بذلك كالعبادة عنه بالمحبوب، والمراد المشار إليها بقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وبقوله: {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}، وقد أطلق بعض الأولياء وبعض القدماء عليه تعالى لفظ المعشوق، والمشوق، إلا أن كرهه أهل العلم لأمرين: عدم التوقيف فيه، وكون العشق في هذه اللغة متعارفاً في اللذات البدنية ...