فإن قوله: (السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) اقتضى أنه يجازي بما يسمعه
ويعلمُه، وإدخال هو في قوله: (وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) اقتضى أن هذا الحكم خاص له لا يشاركه فيه غيره، صار مقتضى الكلام أنه يملك النفع والضر وأنه يجازي كل أحد باستحقاقه.
قوله عز وجل: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)
الغلو: تجاوز الحد من قولهم غلا السهم وغلا السعر ويستعمل في الإفراط
دون التفريط، والخطاب قيل هو للنصارى حيث تجاوز القصد في عيسى
عليه الصلاة والسلام فادعوا له الربوبية.
وقيل: هو خطاب لهم ولليهود، فالنصارى غلوا في رفعه،
واليهود في وضعة،
وقوله: (غَيْرَ الْحَقِّ) انتصب بإضمار: (وَلَا تَقُولُواْ) كقوله: (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)، وبيَّن أن الذي عليه قومهم هو من مقتضى الهوى فنهاهم عن اتباعهم فيه.