أَعَدَّ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ، وَأَخْبَرَ عَنْهُ وَكَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّغْيِيرَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُحَالٌ، فَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَقُلْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: نَصْبُ الظَّالِمِينَ لِأَنَّ قَبْلَهُ مَنْصُوبًا، وَالْمَعْنَى يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ وَقَوْلُهُ: أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً كَالتَّفْسِيرِ لِذَلِكَ الْمُضْمَرِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: وَالظَّالِمُونَ، وَهَذَا لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ وَعَطْفُ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ غَيْرُ حَسَنٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حم عسق: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ فَإِنَّمَا ارْتَفَعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَهُ فِعْلٌ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَنْصِبَهُ فِي الْمَعْنَى، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى الْمَنْصُوبِ قَبْلَهُ، فَارْتَفَعَ بِالِابْتِدَاءِ، وهاهنا قَوْلُهُ: أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ النَّاصِبِ الْمُضْمَرِ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصحبه وسلم.