بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنَا لِأَدَاءِ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ، وَوَفَّقَنَا عَلَى كَيْفِيَّةِ اكْتِسَابِ أَكْمَلِ السَّعَادَاتِ، وَهَدَانَا إِلَى قَوْلِنَا: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ نَشْرَعُ فِي أَدَاءِ كُلِّ الْخَيْرَاتِ وَالْمَأْمُورَاتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي له ما في السموات رَبِّ الْعالَمِينَ بِحَسَبِ كُلِّ الذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَلَى أَصْحَابِ الْحَاجَاتِ وَأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فِي إِيصَالِ الْأَبْرَارِ إِلَى الدَّرَجَاتِ، وَإِدْخَالِ الْفُجَّارِ فِي الدَّرَكَاتِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ في القيام أداء جُمْلَةِ التَّكْلِيفَاتِ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بِحَسَبِ كُلِّ أَنْوَاعِ الْهِدَايَاتِ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ وَالْمَقَامَاتِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ.
وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُؤَيَّدِ بِأَفْضَلِ الْمُعْجِزَاتِ وَالْآيَاتِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ بِحَسَبِ تَعَاقُبِ الْآيَاتِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَهَذَا كِتَابٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى شَرْحِ بَعْضِ ما رزقنا الله تعالى من علوم سورة الْفَاتِحَةِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِإِتْمَامِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا فِي الدَّارَيْنِ أَهْلًا لِإِكْرَامِهِ وَإِنْعَامِهِ، إِنَّهُ خَيْرُ مُوَفِّقٍ وَمُعِينٍ، وَبِإِسْعَافِ الطَّالِبِينَ قَمِينٌ، وهذا الكتاب مرتب على مقدمة وكتب.
سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)
علوم الفاتحة اعْلَمْ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى لِسَانِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ الْكَرِيمَةَ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ فَوَائِدِهَا وَنَفَائِسِهَا عَشَرَةُ آلَافِ مَسْأَلَةٍ، فَاسْتَبْعَدَ هَذَا بَعْضُ الْحُسَّادِ، وَقَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَيِّ وَالْعِنَادِ، وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى مَا أَلِفُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنَ التَّعَلُّقَاتِ الْفَارِغَةِ عَنِ الْمَعَانِي، وَالْكَلِمَاتِ الْخَالِيَةِ عَنْ تَحْقِيقِ الْمَعَاقِدِ وَالْمَبَانِي، فَلَمَّا شَرَعْتُ فِي تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ، قَدَّمْتُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ لِتَصِيرَ كَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَمْرٌ مُمْكِنُ الْحُصُولِ، قَرِيبُ الْوُصُولِ، فَنَقُولُ وبالله التوفيق: