بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
وَهِيَ عِشْرُونَ وَأَرْبَعُ آيَاتٍ مَدَنِيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (2)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ صَالَحَ بَنُو النَّضِيرِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا يَكُونُوا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، فَلَمَّا ظَهَرَ يَوْمَ بَدْرٍ قَالُوا: هُوَ النَّبِيُّ الْمَنْعُوتُ فِي التَّوْرَاةِ بالنصر، فلما هزم المسلمون يوم أحد تابوا وَنَكَثُوا، فَخَرَجَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِبًا إِلَى مَكَّةَ وَحَالَفُوا أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَقَتَلَ كَعْبًا غِيلَةً، وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، ثُمَّ صَحِبَهُمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَتَائِبِ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِلِيفٍ،
فَقَالَ لَهُمُ: اخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ،
فَقَالُوا: الْمَوْتُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ فَتَنَادَوْا بِالْحَرْبِ، وَقِيلَ:
اسْتَمْهَلُوا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِيَتَجَهَّزُوا لِلْخُرُوجِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّه بْنَ أُبَيٍّ وَقَالَ: لَا تَخْرُجُوا مِنَ الْحِصْنِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَنَحْنُ مَعَكُمْ لَا نَخْذُلُكُمْ، وَلَئِنْ خَرَجْتُمْ لنخرجن معكم، فحصنوا الأزقة فحاصرهم إحدى وعشرون لَيْلَةً، فَلَمَّا قَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَأَيِسُوا مِنْ نَصْرِ الْمُنَافِقِينَ طَلَبُوا الصُّلْحَ، فَأَبَى إِلَّا الْجَلَاءَ، عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ عَلَى بَعِيرٍ مَا شَاءُوا مِنْ مَتَاعِهِمْ، فجلوا إلى الشأم إلى أريحاء وأزرعات إِلَّا أَهْلَ بَيْتَيْنِ مِنْهُمْ آلُ أَبِي الْحَقِيقِ، وَآلُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، فَإِنَّهُمْ لَحِقُوا بِخَيْبَرَ، ولحقت طائفة بالحيرة. وهاهنا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا مَعْنَى هَذِهِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ الْجَوَابُ: إِنَّهَا هِيَ اللَّامُ فِي قَوْلِكَ: جِئْتُ لِوَقْتِ كَذَا، وَالْمَعْنَى: أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا عِنْدَ أَوَّلِ الْحَشْرِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا مَعْنَى أَوَّلِ الْحَشْرِ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الْحَشْرَ هُوَ إِخْرَاجُ الْجَمْعِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَأَمَّا أَنَّهُ لِمَ سُمِّيَ هَذَا الْحَشْرُ بِأَوَّلِ الْحَشْرِ فَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ حشر أهل