تَعَالَى: وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [الْمَائِدَةِ: 116] حِكَايَةً عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمَعْنَى الْحَقِيقَةُ. الثَّانِي: لَيْسَ هُوَ صَرِيحُ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَجُوزُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ نَفْسًا الثَّالِثُ: الِاسْتِثْنَاءُ الْكَاشِفُ المبالغ. ثم قال تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 59]

أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)

قِيلَ: مِنَ الْقُرْآنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى حَدِيثِ: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ [النجم: 57] فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حَشْرِ الْأَجْسَادِ وَجَمْعِ العظام. بعد الفساد.

[سورة النجم (53) : آية 60]

وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60)

وقوله تعالى: وَتَضْحَكُونَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَتَضْحَكُونَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ [الزُّخْرُفِ: 47] فِي حَقِّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانُوا هُمْ أَيْضًا يَضْحَكُونَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا عَلَى مُطْلَقِ الضَّحِكِ مَعَ سَمَاعِ حَدِيثِ الْقِيَامَةِ، أَيْ أَتَضْحَكُونَ وَقَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ الْقِيَامَةَ قَرُبَتْ، فَكَانَ حَقًّا أَنْ لَا تَضْحَكُوا حِينَئِذٍ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَبْكُونَ أَيْ كَانَ حَقًّا لَكُمْ أَنْ تَبْكُوا مِنْهُ فَتَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَتَأْتُونَ بضده.

[سورة النجم (53) : آية 61]

وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (61)

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أَيْ غَافِلُونَ، وَذُكِرَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، لِأَنَّ الْغَفْلَةَ دَائِمَةٌ، وَأَمَّا الضَّحِكُ وَالْعَجَبُ فَهُمَا أَمْرَانِ يَتَجَدَّدَانِ وَيَعْدَمَانِ.

[سورة النجم (53) : آية 62]

فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَامًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْتِفَاتًا، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ اسْجُدُوا شُكْرًا عَلَى الْهِدَايَةِ وَاشْتَغِلُوا بِالْعِبَادَةِ، وَلَمْ يَقُلْ: اعْبُدُوا اللَّهَ إِمَّا لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَإِمَّا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ: وَاعْبُدُوا أَيِ ائْتُوا بِالْمَأْمُورِ، وَلَا تَعْبُدُوا غَيْرَ اللَّهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ، وَهَذَا يُنَاسِبُ السَّجْدَةَ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ مُنَاسِبَةً أَشَدَّ وَأَتَمَّ مِمَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْعُمُومِ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015