الْوَحْشُ، قَالَ وَلَا يُقَالُ هَدَى بِمَعْنَى قَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ وَقِفُوهُمْ يُقَالُ وَقَفْتُ الدَّابَّةَ أَقِفُهَا وَقْفًا فَوَقَفَتْ هِيَ وُقُوفًا، وَالْمَعْنَى احْبِسُوهُمْ وَفِي الْآيَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْمَعْنَى قِفُوهُمْ وَاهْدُوهُمْ، وَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، بَلْ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى الصِّرَاطِ قِيلَ وَقِفُوهُمْ فَإِنَّ السؤال يقع هناك وقوله: إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قِيلَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَأَقْوَالِهِمْ، وَقِيلَ الْمُرَادُ سَأَلَتْهُمُ الْخَزَنَةُ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ... قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ [الزُّمَرِ: 71] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا السُّؤَالُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ أَيْ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ تَوْبِيخًا لَهُمْ، فَيُقَالُ: مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ/ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يَنْصُرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ فَقِيلَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مالكم غَيْرَ مُتَنَاصِرِينَ، وَقِيلَ يُقَالُ لِلْكُفَّارِ مَا لِشُرَكَائِكُمْ لَا يَمْنَعُونَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يُقَالُ اسْتَسْلَمَ لِلشَّيْءِ إِذَا انْقَادَ لَهُ وَخَضَعَ، وَمَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ طَلَبُ السَّلَامَةِ بِتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ صَارُوا منقادين لا حيلة لهم ف دَفْعِ تِلْكَ الْمَضَارِّ لَا الْعَابِدُ وَلَا الْمَعْبُودُ.

[سورة الصافات (37) : آية 27]

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (27)

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ قِيلَ هُمْ وَالشَّيَاطِينُ، وَقِيلَ الرُّؤَسَاءُ وَالْأَتْبَاعُ. يَتَساءَلُونَ أَيْ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهَذَا التَّسَاؤُلُ عِبَارَةٌ عَنِ التَّخَاصُمِ وَهُوَ سُؤَالُ التَّبْكِيتِ يَقُولُونَ غَرَرْتُمُونَا، وَيَقُولُ أُولَئِكَ لِمَ قَبِلْتُمْ مِنَّا، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ تَسَاؤُلَ الْمُسْتَفْهِمِينَ، بَلْ هُوَ تَسَاؤُلُ التَّوْبِيخِ وَاللَّوْمِ، وَاللَّهُ أعلم.

[سورة الصافات (37) : الآيات 28 الى 40]

قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (28) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (32)

فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37)

إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (38) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015