ضَرْبٍ مِنَ الْعَنَاكِبِ سِتَّةٌ وَأَرْجُلَ ضَرْبٍ آخَرَ ثَمَانِيَةٌ أَوْ عَشْرَةٌ، وَالَّذِي فِي الْكَيْفِ فَكَاخْتِلَافِهَا فِي الْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ وَالصَّلَابَةِ وَاللِّينِ، وَالَّذِي فِي الْوَضْعِ فَمِثْلُ اخْتِلَافِ وَضْعِ ثَدْيِ الْفِيلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الصَّدْرِ وَثَدْيِ الْفَرَسِ فَإِنَّهُ عِنْدَ السُّرَّةِ. وَأَمَّا الَّذِي فِي الْفِعْلِ فَمِثْلُ كَوْنِ أُذُنِ الْفِيلِ صَالِحًا لِلذَّبِّ مَعَ كَوْنِهِ آلَةً لِلسَّمْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ وَكَوْنِ/ أَنْفِهِ آلَةً لِلْقَبْضِ دُونَ أَنْفِ غَيْرِهِ. وَأَمَّا الَّذِي فِي الِانْفِعَالِ فَمِثْلُ كَوْنِ عَيْنِ الْخُفَّاشِ سَرِيعَةَ التَّحَيُّرِ فِي الضَّوْءِ وَعَيْنُ الْخُطَّافِ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
التَّقْسِيمُ الثَّانِي: الْحَيَوَانُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَائِيًّا بِمَعْنَى أَنَّ مَسْكَنَهُ الْأَصْلِيَّ هُوَ الْمَاءُ أَوْ أَرْضِيًّا أَوْ يَكُونُ مَائِيًّا ثُمَّ يَصِيرُ أَرْضِيًّا، أَمَّا الْحَيَوَانَاتُ الْمَائِيَّةُ فَتَغَيُّرُ أَحْوَالِهَا مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَكَانُهُ وَغِذَاؤُهُ وَنَفَسُهُ مَائِيًّا فَلَهُ بَدَلُ التَّنَفُّسِ فِي الْهَوَاءِ التَّنَشُّقُ الْمَائِيُّ فَهُوَ يَقْبَلُ الْمَاءَ إِلَى بَاطِنِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَلَا يَعِيشُ إِذَا فَارَقَهُ، وَالسَّمَكُ كُلُّهُ كَذَلِكَ وَمِنْهُ مَا مَكَانُهُ وَغِذَاؤُهُ مَائِيٌّ وَلَكِنَّهُ يَتَنَفَّسُ مِنَ الْهَوَاءِ مِثْلُ السُّلَحْفَاةِ الْمَائِيَّةِ، وَمِنْهُ مَا مَكَانُهُ وَغِذَاؤُهُ مَائِيٌّ وَلَيْسَ يَتَنَفَّسُ وَلَا يَسْتَنْشِقُ مِثْلُ أَصْنَافٍ مِنَ الصَّدَفِ لَا تَظْهَرُ لِلْهَوَاءِ وَلَا تَسْتَدْخِلُ الْمَاءَ إِلَى بَاطِنِهَا الوجه الثَّانِي:
الْحَيَوَانَاتُ الْمَائِيَّةُ بَعْضُهَا مَأْوَاهَا مِيَاهُ الْأَنْهَارِ الْجَارِيَةِ وَبَعْضُهَا مِيَاهُ الْبَطَائِحِ مِثْلُ الضَّفَادِعِ وَبَعْضُهَا مَأْوَاهَا مِيَاهُ الْبَحْرِ الوجه الثَّالِثُ: مِنْهَا لُجِّيَّةٌ وَمِنْهَا شَطِّيَّةٌ وَمِنْهَا طِينِيَّةٌ وَمِنْهَا صَخْرِيَّةٌ الوجه الرَّابِعُ: الْحَيَوَانُ الْمُنْتَقِلُ فِي الْمَاءِ مِنْهُ مَا يَعْتَمِدُ فِي غَوْصِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَفِي السِّبَاحَةِ عَلَى أَجْنِحَتِهِ كَالسَّمَكِ وَمِنْهُ مَا يَعْتَمِدُ فِي السِّبَاحَةِ عَلَى رِجْلَيْهِ كَالضِّفْدَعِ وَمِنْهُ مَا يَمْشِي فِي قَعْرِ الْمَاءِ كَالسَّرَطَانِ وَمِنْهُ مَا يَزْحَفُ مِثْلَ ضَرْبٍ مِنَ السَّمَكِ لَا جَنَاحَ لَهُ وَكَالدُّودِ، أَمَّا الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ فَتُغَيِّرُ أَحْوَالَهَا أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مِنْهَا مَا يَتَنَفَّسُ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ كَالْفَمِ وَالْخَيْشُومِ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَنَفَّسُ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى نَحْوٍ آخَرَ مِنْ مَسَامِّهِ مِثْلَ الزُّنْبُورِ وَالنَّحْلِ الثَّانِي: أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْأَرْضِيَّةَ مِنْهَا مَا لَهُ مَأْوًى مَعْلُومٌ، وَمِنْهَا مَا مَأْوَاهُ كَيْفَ اتُّفِقَ إِلَّا أَنْ يَلِدَ فَيُقِيمُ لِلْحَضَانَةِ وَاللَّوَاتِي لَهَا مَأْوَى فَبَعْضُهَا مَأْوَاهُ شَقٌّ وَبَعْضُهَا حُفَرٌ وَبَعْضُهَا مَأْوَاهُ قُلَّةٌ رَابِيَةٌ وَبَعْضُهَا مَأْوَاهُ وَجْهُ الْأَرْضِ الثَّالِثُ: الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ كُلُّ طَائِرٍ مِنْهُ ذُو جَنَاحٍ فَإِنَّهُ يَمْشِي بِرِجْلَيْهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا مَشْيُهُ صَعْبٌ عَلَيْهِ كَالْخُطَّافِ الْكَبِيرِ الْأَسْوَدِ وَالْخُفَّاشِ. وَأَمَّا الَّذِي جَنَاحُهُ جِلْدٌ أَوْ غِشَاءٌ فَقَدْ يَكُونُ عَدِيمَ الرِّجْلِ كَضَرْبٍ مِنَ الْحَيَّاتِ الْحَبَشِيَّةِ يَطِيرُ الرَّابِعُ: الطَّيْرُ يَخْتَلِفُ فَبَعْضُهَا يَتَعَايَشُ مَعًا كَالْكَرَاكِيِّ وَبَعْضُهَا يُؤْثِرُ التَّفَرُّدَ كَالْعُقَابِ وَجَمِيعِ الْجَوَارِحِ الَّتِي تَتَنَازَعُ عَلَى الطُّعْمِ لِاحْتِيَاجِهَا إِلَى الِاحْتِيَالِ لِتَصِيدَ وَمُنَافَسَتِهَا فِيهِ، وَمِنْهَا مَا يَتَعَايَشُ زَوْجًا وَيَكُونُ مَعًا كَالْقَطَا، وَمِنْهُ مَا يَجْتَمِعُ تَارَةً وَيَنْفَرِدُ أُخْرَى وَالْحَيَوَانَاتُ الْمُنْفَرِدَةُ قَدْ تَكُونُ مَدَنِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ بَرِّيَّةً صِرْفَةً وَقَدْ تَكُونُ بُسْتَانِيَّةً وَالْإِنْسَانُ مِنْ بَيْنِ الْحَيَوَانِ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعِيشَ وَحْدَهُ فَإِنَّ أَسْبَابَ حَيَاتِهِ وَمَعِيشَتِهِ تَلْتَئِمُ بِالْمُشَارَكَةِ الْمَدَنِيَّةِ وَالنَّحْلُ وَالنَّمْلُ وَبَعْضُ الْغَرَانِيقِ يُشَارِكُ الْإِنْسَانَ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ النَّحْلَ وَالْكَرَاكِيَّ تُطِيعُ رَئِيسًا وَاحِدًا وَالنَّمْلَ لَهُ اجْتِمَاعٌ وَلَا رَئِيسَ الْخَامِسُ: الطَّيْرُ مِنْهُ آكِلُ لحم ومنه لا قط حَبٍّ وَمِنْهُ آكِلُ عُشْبٍ، وَقَدْ يَكُونُ لِبَعْضِ الطَّيْرِ طَعْمٌ مُعَيَّنٌ كَالنَّحْلِ فَإِنَّ غِذَاءَهُ زَهْرٌ وَالْعَنْكَبُوتِ فَإِنَّ غِذَاءَهُ الذُّبَابُ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ مُتَّفِقُ الطَّعْمِ أَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَكُونُ تَارَةً مَائِيًّا، وَأُخْرَى بَرِّيًّا فَيُقَالُ إِنَّهُ حَيَوَانٌ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ وَيَعِيشُ فِيهِ ثُمَّ إِنَّهُ يَبْرُزُ إِلَى الْبَرِّ وَيَبْقَى فِيهِ.
التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ: الْحَيَوَانُ مِنْهُ مَا هُوَ إِنْسِيٌّ بِالطَّبْعِ كَالْإِنْسَانِ وَمِنْهُ مَا هُوَ إِنْسِيٌّ بِالْمَوْلِدِ كَالْهِرَّةِ وَالْفَرَسِ وَمِنْهُ مَا هُوَ إِنْسِيٌّ بِالْقَسْرِ كَالْفَهْدِ وَمِنْهُ مَا لَا يَأْنَسُ كَالنَّمِرِ وَالْمُسْتَأْنَسُ بِالْقَسْرِ مِنْهُ مَا يُسْرِعُ اسْتِئْنَاسُهُ وَيَبْقَى مُسْتَأْنَسًا كَالْفِيلِ وَمِنْهُ مَا يُبْطِئُ كَالْأَسَدِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ صِنْفٌ إِنْسِيٌّ وَصِنْفٌ وَحْشِيٌّ حَتَّى مِنَ النَّاسِ.