وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فَالْمَعْنَى وَاسْتَوَتِ السَّفِينَةُ عَلَى جَبَلٍ بِالْجَزِيرَةِ يُقَالُ لَهُ الْجُودِيُّ، وَكَانَ ذَلِكَ الْجَبَلُ جَبَلًا مُنْخَفِضًا، فَكَانَ اسْتِوَاءُ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ دَلِيلًا عَلَى انْقِطَاعِ مَادَّةِ ذَلِكَ الْمَاءِ وَكَانَ ذَلِكَ الِاسْتِوَاءُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّه تَعَالَى قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اللَّعْنِ وَالطَّرْدِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ يَسْلَمُ مِنَ الْأَمْرِ الْهَائِلِ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ قَوْمٍ من الظلمة فإذا هلكوا وَنَجَا مِنْهُمْ قَالَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ وَلِأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ فَجَعْلُهُ مِنْ كَلَامِ البشر أليق.
تم الجزء السابع عَشَرَ، وَيَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى الْجُزْءُ الثامن عشر وأوله قوله تعالى وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ من سورة هود. أعان اللَّه على إكماله