النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول هذه السورة سنتين، وقيل في معنى السورة إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فاشتغل أنت بالتسبيح والتحميد، والاستغفار، فالاشتغال بهذه الطاعة يصير سببا لمزيد درجاتك في الدنيا والآخرة.
وفي معنى التسبيح وجهان: أحدهما نزه ربك عما لا يليق بجلاله ثم احمده.
والثاني فصل لربك لأن التسبيح جزء من أجزاء الصلاة، ثم قيل عني به صلاة الشكر، وهو ما صلاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة ثمان ركعات.
وقيل هي صلاة الضحى. وفي الآية دليل على فضيلة التسبيح، والتحميد حيث جعل ذلك كافيا في أداء ما وجب عليه من شكر نعمة النصر والفتح.
فإن قلت ما معنى هذا الاستغفار، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قلت إنه تعبد الله بذلك ليقتدي به غيره. إذ لا يأمن كل واحد من نقص يقع في عبادته واجتهاده ففيه تنبيه على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم مع عصمته وشدة اجتهاده ما كان يستغني عن الاستغفار فكيف بمن هو دونه وقيل هو ترك الأفضل والأولى لا عن ذنب صدر منه صلّى الله عليه وسلّم وعلى قول من جوز الصغائر على الأنبياء يكون المعنى، واستغفره لما عسى أن يكون قد وقع من تلك الأمور منه، وقيل المراد منه الاستغفار لذنوب أمته، وهذا ظاهر لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِناتِ والله سبحانه وتعالى أعلم.