من بعدي، ألا وإنما أحلت لي ساعة من نهار إلا، وإنها ساعتي هذه فلا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها، ولا يقطع شوكها، ولا تحل ساقطتها لا لمنشد، ومن قتل له قتيل، فهو بخير النظرين. إما أن يفتدي وإما أن يقيد فقال العباس: إلا الإذخر فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا الإذخر، فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اكتبوا لأبي شاه قال الأوزاعي: يعني الخطبة التي سمعها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم».
(وأما التفسير) فقوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ يعني إذا جاءك يا محمد نصر الله، ومعونته على من عاداك وهم قريش.
ومعنى مجيء النصر أن جميع الأمور مرتبطة بأوقاتها يستحيل تقدمها عن وقتها أو تأخرها عنه فإذا جاء ذلك الوقت المعين حضر معه ذلك الأمر المقدر، فلهذا المعنى قال إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ يعني فتح مكة في قول جمهور المفسرين، وقيل هو جنس نصر الله المؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم على الإطلاق، والفرق بين النصر والفتح. أن النصر هو الإعانة والإظهار على الأعداء وهو تحصيل المطلوب، وهو كالسبب للفتح. فلهذا بدأ بذكر النصر وعطف عليه الفتح، وقيل النصر هو إكمال الدين وإظهاره، والفتح هو الإقبال الذي هو تمام النعمة. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً يعني زمرا وأرسالا القبيلة بأسرها. والقوم بأجمعهم من غير قتال قال الحسن: لما فتح الله على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة قالت العرب بعضها لبعض إذا ظفر الله محمد بأهل الحرم، وكان قد أجارهم من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا. بعد أن كانوا يدخلون واحدا واحدا واثنين اثنين. وقيل أراد بالناس أهل اليمن (ق) عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا، وأرق أفئدة الإيمان يمان، والحكمة يمانية ودين الله هو الإسلام» وأضافه إليه تشريفا وتعظيما، كبيت الله وناقة الله قوله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً يعني فإنك حينئذ لا حق به (ق) عن ابن عباس: قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال: بعضهم لم يدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله فقال إنه ممن قد علمتم قال فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم.
قال وما رأيت أنه كان دعاني يومئذ إلا ليريهم مني.
قال ما تقولون في قول الله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ حتى ختم السورة، فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله، ونستغفره إذ نصرنا، وفتح علينا، وسكن بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذلك تقول يا ابن عباس، قال: قلت لا قال فما هو قلت هو أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعلمه، فقال إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم (ق) عن عائشة قالت: «ما صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة بعد أن أنزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح، إلا يقول فيها سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، وفي رواية قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن، وفي رواية قالت كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر القول من سبحان الله، وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، وقال أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي. فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه قد رأيتها إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا». قال ابن عباس: لما نزلت هذه السورة علم النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه نعيت إليه نفسه.
وقال الحسن: أعلم أنه قد اقترب أجله فأمر بالتسبيح والتوبة، ليختم بالزيادة في العمل الصالح قيل عاش