وقال الكلبي: خرجت من الكوفة حتَّى أتيت طابث (?)، وهي قرية دون واسط، فنزلتها، فإذا أنا بشهر بن حوشب، فتذاكرنا هذه الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} فقال شهر: خرج العطاء، والحجاج يومئذ بواسط، فأمر بالعطاء، فوضع بين يديه، فجعل يدعو الرجل، فيدفع إليه عطاءه، قال: فدعا باسمي، فجئت على فرس لي عجفاء (?)، رث الهيئة، وعليَّ ثياب رثة، فلما رآني الحجاج قال لي: يا شهر، مالي أرى ثيابك رثة، وفرسك رثة. قال: فقلت: أصلح الله الأمير، أما ما ذكرت من فرسي فإني قد اشتريتها، ولم آل نفسي خيرًا، وأما ما تذكر من الثياب فحسب المرء من الثياب ما وارى عورته. فقال: لا، ولكنك رجل تكره الخزوز (?)، وتعيب على من يلبسها. فقلت: إني لا أكره ذلك، ولا أعيب على من يلبسه. قال: فدعا بمقطعة خز، فأعطانيها، فصببتها علي، فلما أردت أن أخرج، قال لي: هلم. فرجعت إليه، فقال: آية في كتاب الله، ما قرأتها قط إلَّا تخالج (?) في نفسي منها. فقلت: أصلح الله الأمير، ما هي؟ فقرأ هذه الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} وإني لأوتي بالأسير من اليهود،