هذا بحين الأَنْواء، قال: فصلى ركعتين ودعا ربَّه، فهاجت ريحٌ ثمَّ هاجت سحابة، فمُطرنا حتى سالت الأودية، وملؤوا الأسقية، ثمَّ ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرَّ ومعه عصابة من أصحابه برجل يغترف بقدح له، وهو يقول: سُقينا بنوء كذا وكذا، ولم يقل هذا من رزق الله، فأنزل الله -عز وجل-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} (?) أي: شكركم الله على رزقه إياكم أنَّكم تكذبون بالنعمة (?)، ويقولون: سُقينا بنَوء كذا وكذا، وهذا كقول القائل: جعلت إحساني إليك إساءة منك إليَّ، وجعلت شكر إكرامي لك أنَّك اتَّخذتني عدوًّا (?)، فمجاز الآية: وتجعلون شكر رزقكم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (?) ونحوها (?).
قال الشاعر:
فكأنَّ شكر القوم عند المُنَى ... كيُّ الصحيحات وفقْءُ الأعينِ (?)