أَنْ يكون بمعنى: سَوَّيْنَا، قال الثعلبيُّ عنِ الضحاك «1» : أي: سَوَّيْنَا بين أهل السماء وأهل الأرض.

وقوله: وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي: على تبديلكم إنْ أردناه، وأَنْ نُنْشِئَكُمْ بأوصاف لا يصلها علمُكُم، ولا يُحيطُ بها فكركم، قال الحسن «2» : من كونهم قردةً وخنازيرَ لأَنَّ الآية تنحو إلى الوعيد، والنَّشْأَةَ الْأُولى: قال أكثر المفسرين: إشارة إلى خلق آدم، وقيل: المراد: نشأة الإنسان في طفولته، وهذه الآية نَصٌّ في استعمال القياس والحَضِّ عليه، وعبارة الثعلبي: ويقال: النَّشْأَةَ الْأُولى نطفة، ثم عَلَقَةٌ، ثم مُضْغَةٌ، ولم يكونوا شيئاً فَلَوْلا أي: فهلا تذكرون أَنِّي قادر على إعادتكم كما قَدَرْتُ على إبدائكم، وفيه دليل على صِحَّةِ القياس لأَنَّهُ عَلَّمَهُمْ سبحانه الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى، انتهى.

[سورة الواقعة (56) : الآيات 64 الى 74]

أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)

أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73)

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)

وقوله سبحانه: أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أي: زرعاً يتم أَمْ نَحْنُ: وروى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قال: «لاَ تَقُلْ: زَرَعْتُ، وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْتُ، ثُمَّ تَلاَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذِهِ الآية» «3» والحطام: اليابس المُتَفَتِّتُ من النبات الصائر إلى ذهاب، وبه شبّه حطام الدنيا/ وتَفَكَّهُونَ قال ابن عباس وغيره «4» : معناه تعجبون، أي: ممّا نزل بكم، وقال ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015