في سرف، وتخوض، ويُصِرُّونَ معناه: يعتقدون اعتقادا لا ينزعون عنه، والْحِنْثِ:
الإثم، وقال الثعلبيُّ: وَكانُوا يُصِرُّونَ: يقيمون عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ أي: الذنب، انتهى، ونحوهُ للبخاريِّ، وهو حَسَنٌ نحو ما في الرسالة، قال قتادة وغيره «1» : والمراد بهذا الإثم العظيم: الشركُ، وباقي الآية في استبعادهم للبعث، وقد تقدم بيانه.
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)
هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57)
وقوله سبحانه: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ: مخاطبة لكفّار قريش ومن كان في حالهم، ومِنْ في قوله: مِنْ زَقُّومٍ لبيان الجنس، والضمير في مِنْهَا عائد على الشجر، والضمير في عَلَيْهِ عائد على المأكول، والْهِيمِ قال ابن عباس وغيره «2» :
جمع «أهيم» وهو الجمل الذي أصابه الهُيَامُ- بضم الهاء-، وهو داء مُعْطِشٌ يشرب الجملُ حتى يموتَ أو يسقمَ سَقَماً شديداً، وقال قوم هو: جمع «هائم» وهو أيضاً من هذا المعنى لأَنَّ الجملَ إذا أصابه ذلك الداءُ، هام على/ وجهه وذهب، وقال ابن عباس أيضاً وسفيان الثوري «3» : الْهِيمِ: الرمال التي لا تُرْوَى من الماء، والنزل أول ما يأكل الضيف، والدِّينِ: الجزاء.
[سورة الواقعة (56) : الآيات 58 الى 63]
أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62)
أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63)
وقوله سبحانه: أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ الآية: وليس يوجد مفطورٌ، يخفى عليه أَنَّ المَنِيَّ الذي يخرُجُ منه ليس له فيه عمل ولا إرادة ولا قدرة، وقرأ الجمهور: «قَدَّرْنَا» وقرأ ابن كثير وحده «4» : «قَدَرْنَا» بتخفيف الدال، فيحتمل أَنْ يكونَ المعنى فيهما: قضينا وأثبتنا، ويحتمل