تفسير التستري (صفحة 39)

قوله: «اخسؤوا» تباعدوا عني، يقال للكلب اخسأ على كمال البعد والطرد، وبهذا عاقبهم في آخر عقوباته إياهم، كقوله: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108] . قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ [238] أي داوموا على إقامتها. وأما قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [النور: 56] فعلى وجهين أحدهما الإقرار بها من غير تصديق، كما قال في براءة:

فَإِنْ تابُوا [التوبة: 5] أي من الشرك، وَأَقامُوا الصَّلاةَ [التوبة: 5] يعني وأقروا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5] ، وكقوله: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة: 11] ومواليكم، ونظيرها في السجدة (?) . والوجه الثاني: الإقامة، كما قال في المجادلة: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [المجادلة: 13] ، ونظيرها في المزمل (?) .

وقال في المائدة (?) : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [المائدة: 55] أي يتمونها. وسئل عن قوله:

وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [238] ما معنى ذكرها مفردة؟ قال: إنما أفردها لاختصاص من الصلوات وإن كانت داخلة في جملتها، كما انفرد جبريل وغيره بالذكر لاختصاصهم من جملة الملائكة.

قال: وفيها وجه آخر، وهو أن أوقات سائر الصلوات مشهورة عند العالم والجاهل، فعلامتها واضحة، ووقت العصر أخفى، فحثَّ على مراعاتها في وقتها بما خصها من الذكر. قوله:

وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [238] أي قاموا لله في الصلاة مطيعين. فكم من مصلّ غير مطيع كالمنافق ونحوه. وسئل النبي صلّى الله عليه وسلّم أي الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القنوت أي طول القيام» (?) ، وقال زيد بن أرقم (?) رضي الله عنه: القنوت السكوت، لأنا كنا نتكلم في الصلاة، فأنزل الله تعالى:

وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [238] فأمسكنا عن الكلام (?) . وكان محمد بن سوار يقول: القنوت الوتر، سمي قنوتاً لقيام الرجل فيه بالدعاء من غير قراءته القرآن، بل هو التعظيم بالدعاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015