تفسير التستري (صفحة 192)

قال: فقعد يبكي من الفرح إلى الصباح وقال: إلهي مثلي يترك بلا عشاء بلا سراج، بأي يد كانت مني يا مولاي «1» .

[سورة الفجر (89) : الآيات 27 الى 30]

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)

قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [27] قال: هذا خطاب لنفس الروح الذي به حياة نفس الطبع والمطمئنة المصدقة بثواب الله وعقابه.

ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ [28] بطريق الآخرة راضِيَةً [28] عن الله بالله مَرْضِيَّةً [28] عنها لسكونها إلى الله عزَّ وجلَّ.

فَادْخُلِي فِي عِبادِي [29] أي في جملة أوليائي الذين هم عبادي حقاً وَادْخُلِي جَنَّتِي [30] قال سهل: الجنة جنتان: أحدهما الجنة نفسها، والأخرى حياة بحياة وبقاء ببقاء.

كما روي في الخبر: يقول الملائكة للمنفردين يوم القيامة: امضوا إلى منازلكم في الجنة، فيقولون: ما الجنة عندنا، وإنما انفردنا لمعنى منه إلينا، لا نريد سواه حياة طيبة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

السورة التي يذكر فيها البلد

[سورة البلد (90) : الآيات 1 الى 4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (?) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (?) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4)

قوله تعالى: لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ [1] قال: يعني مكة. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ [2] يعني يوم فتح مكة جعلناها لك حلالاً تقتل فيها من شئت من الكفار كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار» «2» ، فأقسم الله تعالى بمكة لحلول نبيه فيها إعزازاً له وإذلالاً لأعدائه.

وَوالِدٍ وَما وَلَدَ [3] قال: الوالد: آدم، وما ولد: محمد صلّى الله عليه وسلّم. لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ [4] أي في مشقة وشدة. قال: الكبد الانتصاب، أي لقد خلقناه في بطن أنه منتصباً. كما قال مجاهد: إن الولد يكون في بطن أمه منتصباً كانتصاب الأم، وملك موكل به، إذا اضجعت الأم رفع رأسه، ولولا ذلك لغرق في الدم.

[سورة البلد (90) : الآيات 10 الى 11]

وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)

قوله تعالى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [10] قال: بيّنّا له طريق الخير ليتبعه، وطريق الشر ليجتنبه، كما قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان: 3] . وقيل: يعني التدبير.

قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [11] قال: أي فهلا جاوز الصراط والعقبة دونها، وفي الباطن عقبتان، إحداهما: الذنوب التي اجترحها، يعني بين يديه كالجبل يجاوزها بعتق رقبة، أو إطعام في يوم ذي مجاعة وشدة مسكيناً قد لزق بالتراب من الجهد والفاقة، ويتيماً بينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015