النَّهْيُ عَلَى جِنْسٍ مِنَ الشَّجَرِ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَلَى شَجَرَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الشَّجَرَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَمُقَاتِلٌ: هِيَ السُّنْبُلَةُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ شَجَرَةُ الْعِنَبِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: شَجَرَةُ التِّينِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: شَجَرَةُ الْعِلْمِ وَفِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شَجَرَةُ الْكَافُورِ (?) {فَتَكُونَا} فَتَصِيرَا {مِنَ الظَّالِمِينَ} أَيِ الضَّارِّينَ بِأَنْفُسِكُمَا بِالْمَعْصِيَةِ، وَأَصْلُ الظُّلْمِ، وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.
{فَأَزَلَّهُمَا} اسْتَزَلَّ {الشَّيْطَانُ} آدَمَ وَحَوَّاءَ أَيْ دَعَاهُمَا إِلَى الزَّلَّةِ: وَقَرَأَ حَمْزَةُ: فَأَزَالُهُمَا، أَيْ نَحَّاهُمَا "الشَّيْطَانُ" فَيْعَالُ مِنْ شَطَنَ، أَيْ: بَعُدَ، سُمِّيَ بِهِ لِبُعْدِهِ عَنِ الْخَيْرِ وَعَنِ الرَّحْمَةِ، {عَنْهَا} عَنِ الْجَنَّةِ {فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} النَّعِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ لِيُوَسْوِسَ {إِلَى} (?) آدَمَ وَحَوَّاءَ فَمَنَعَتْهُ الْخَزَنَةُ فَأَتَى الْحَيَّةَ وَكَانَتْ صَدِيقَةً لِإِبْلِيسَ وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ الدَّوَابِّ، لَهَا أَرْبَعُ قَوَائِمَ كَقَوَائِمِ الْبَعِيرِ، وَكَانَتْ مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ فَسَأَلَهَا إِبْلِيسُ أَنْ تُدْخِلَهُ فَمَهَا فَأَدْخَلَتْهُ وَمَرَّتْ بِهِ عَلَى الْخَزَنَةِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَأَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا رَآهُمَا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَخْرُجَانِ مِنْهَا وَقَدْ كَانَ آدَمُ حِينَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ قَالَ: لَوْ أَنَّ خُلْدًا، فَاغْتَنَمَ ذَلِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ مِنْ قِبَلِ الْخُلْدِ فَلَمَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ إِبْلِيسُ فَبَكَى وَنَاحَ نِيَاحَةً أَحْزَنَتْهُمَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَاحَ فَقَالَا لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي عَلَيْكُمَا تَمُوتَانِ فَتُفَارِقَانِ مَا أَنْتُمَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ. فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمَا فَاغْتَمَّا وَمَضَى إِبْلِيسُ ثُمَّ أَتَاهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ؟ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ، وَقَاسَمَهُمَا بِاللَّهِ إِنَّهُ لَهُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ، فَاغْتَرَّا وَمَا ظَنَّا أَنَّ أَحَدًا يَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِبًا، فَبَادَرَتْ حَوَّاءُ إِلَى أَكْلِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ نَاوَلَتْ آدَمَ حَتَّى أَكَلَهَا.
وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَهُوَ يَعْقِلُ وَلَكِنْ حَوَّاءُ سَقَتْهُ الْخَمْرَ حَتَّى إِذَا سَكِرَ قَادَتْهُ إِلَيْهَا فَأَكَلَ (?) .