(50-الْكَهْفِ) فَهُوَ أَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ، وَلِأَنَّهُ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَالْمَلَائِكَةَ خُلِقُوا مِنَ النُّورِ، وَلِأَنَّ لَهُ ذُرِّيَّةً وَلَا ذُرِّيَّةَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (?) لِأَنَّ خِطَابَ السُّجُودِ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَوْلُهُ "كَانَ مِنَ الْجِنِّ" أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مِنَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ: قَوْمٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَصُوغُونَ حُلِيَّ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّ فِرْقَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ خُلِقُوا مِنَ النَّارِ سُمُّوا جِنًّا لِاسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْأَعْيُنِ، وَإِبْلِيسُ كَانَ مِنْهُمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى "وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا" (158-الصَّافَّاتِ) وَهُوَ قولهم: الملائكة 9/ب بَنَاتُ اللَّهِ، وَلَمَّا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُعِلَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ.
قَوْلُهُ: {أَبَى} أَيِ امْتَنَعَ فَلَمْ يَسْجُدْ {وَاسْتَكْبَرَ} أَيْ تَكَبَّرَ عَنِ السُّجُودِ {لِآدَمَ} (?) {وَكَانَ} أَيْ: صَارَ {مِنَ الْكَافِرِينَ} وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: وَكَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمُ الشَّقَاوَةُ.
أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ أنا ابن الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَنَا جَرِيرٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا وَيْلَهْ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ" (?)
قَوْلُهُ تَعَالَى {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ مَنْ يُجَانِسُهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَخَلَقَ اللَّهُ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ مِنْ قُصَيْرَاءِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَسُمِّيَتْ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ، خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَحَسَّ بِهِ آدَمُ وَلَا وَجَدَ لَهُ أَلَمًا، وَلَوْ وَجَدَ لَمَا عَطَفَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ قَطُّ فَلَمَّا هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ رَآهَا جَالِسَةً عِنْدَ رَأْسِهِ (كَأَحْسَنِ مَا فِي) (?) خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ زَوْجَتُكَ خَلَقَنِي اللَّهُ لَكَ تَسْكُنُ إِلَيَّ وَأَسْكُنُ إِلَيْكَ (?) {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا} وَاسِعًا كَثِيرًا {حَيْثُ شِئْتُمَا} كَيْفَ شِئْتُمَا وَمَتَى شِئْتُمَا وَأَيْنَ شِئْتُمَا {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} يَعْنِي لِلْأَكْلِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَقَعَ