قَرَأَ الْأَعْمَشُ: "مِنْ يَوْمِ الْجُمْعَةِ" بِسُكُونِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِضَمِّهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الْيَوْمِ جُمُعَةً، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ فِيهِ خَلْقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَغَ مِنْ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ فَاجْتَمَعَتْ فِيهِ الْمَخْلُوقَاتُ. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَاتِ فِيهِ. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ.
وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا جُمُعَةً كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ "أَمَّا بَعْدُ" كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّى الْجُمُعَةَ جُمُعَةً، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ يَوْمُ الْعَرُوبَةِ.
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ. وَقَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْجُمُعَةَ وَهُمَ الَّذِينَ سَمُّوهَا الْجُمُعَةَ. وَقَالُوا: لِلْيَهُودِ يَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلِلنَّصَارَى يَوْمٌ، فَهَلُمَّ فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ وَنُصَّلِي فِيهِ، فَقَالُوا: يَوْمُ السَّبْتِ لِلْيَهُودِ، وَيَوْمُ الْأَحَدِ لِلنَّصَارَى، فَاجْعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَّرَهُمْ فَسَمُّوهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ بَعْدُ (?) .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ تَرَحَّمْتَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي بَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ بَقِيعُ الْخَضِمَاتِ، قُلْتُ لَهُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ (?) وَأَوَّلُ جُمُعَةٍ جَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا نَزَلَ قَبَاءً عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ [لَيْلَةً] (?) خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حِينَ امْتَدَّ الضُّحَى، فَأَقَامَ بِقَبَاءٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَامِدًا الْمَدِينَةَ، فَأَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِي بَطْنِ وَادٍ لَهُمْ، وَقَدِ اتَّخَذَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْجِدًا، فَجَمَعَ هُنَاكَ وَخَطَبَ (?)