{مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} أَيْ لَا يَنْقُصُ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) }
ثُمَّ بَيَّنَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، فَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} لَمْ يَشُكُّوا فِي دِينِهِمْ، {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} فِي إِيمَانِهِمْ.
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ أَتَتِ الْأَعْرَابُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ صَادِقُونَ، وَعَرَفَ اللَّهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} ، وَالتَّعْلِيمُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: "بِدِينِكُمْ" وَأَدْخَلَ الْبَاءَ فِيهِ، يَقُولُ: أَتُخْبِرُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِخْبَارِكُمْ.
{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ} أَيْ بِإِسْلَامِكُمْ، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ، عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ "إِذْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ" {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} إِنَّكُمْ مُؤْمِنُونَ.
{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ "يَعْمَلُونَ" بِالْيَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ.