107

{أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) } .

{أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} أَيْ: عُقُوبَةٌ مُجَلَّلَةٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: عَذَابٌ يَغْشَاهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ" الْآيَةَ {الْعَنْكَبُوتِ -55} . قَالَ قَتَادَةُ: وَقِيعَةٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الصَّوَاعِقَ وَالْقَوَارِعَ. {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} فَجْأَةً، {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} بِقِيَامِهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَهِيجُ الصَّيْحَةُ بِالنَّاسِ وَهُمْ فِي أَسْوَاقِهِمْ.

{قُلْ} يَا مُحَمَّدُ، {هَذِهِ} الدَّعْوَةُ الَّتِي أَدْعُو إِلَيْهَا وَالطَّرِيقَةُ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، {سَبِيلِي} سُنَّتِي وَمِنْهَاجِي. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دِينِي، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} (النَّحْلِ -125) أَيْ: إِلَى دِينِهِ. {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} عَلَى يَقِينٍ. وَالْبَصِيرَةُ: هِيَ الْمَعْرِفَةُ الَّتِي تُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} أَيْ: وَمَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي أَيْضًا يَدْعُو إِلَى اللَّهِ. هَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَابْنِ زَيْدٍ، قَالُوا: حَقٌّ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ، وَيُذَكِّرَ بِالْقُرْآنِ (?) .

وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} ثُمَّ اسْتَأْنَفَ: {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يَقُولُ: إِنِّي عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ رَبِّي، وَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَنِي.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا عَلَى أَحْسَنِ طَرِيقَةٍ وَأَقْصَدِ هِدَايَةٍ، مَعْدِنَ الْعِلْمِ، وَكَنْزَ الْإِيمَانِ وَجُنْدَ الرَّحْمَنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015