نَبِيٍّ أَبُو أُمَّتِهِ. وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأزواجُه أمهاتُهم " {الأحزاب -6} وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ.
وَقِيلَ: ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الدَّفْعِ لَا عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلَمْ يَرْضَوْا هَذَا.
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي} [أَيْ: خَافُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي] (?) ، أَيْ: لَا تَسُوءُونِي وَلَا تَفْضَحُونِي فِي أَضْيَافِي. {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} صَالِحٌ سَدِيدٌ. قَالَ عِكْرِمَةُ: رَجُلٌ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: رَجُلٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ.
{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) } .
{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ} يَا لُوطُ، {مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ} أَيْ: لَسْنَ أَزْوَاجًا لَنَا فَنَسْتَحِقُّهُنَّ بِالنِّكَاحِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَنَا فِيهِنَّ مِنْ حَاجَةٍ وَشَهْوَةٍ. {وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} مِنْ إِتْيَانِ الرِّجَالِ.
{قَالَ} لَهُمْ لُوطٌ عِنْدَ ذَلِكَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} أَرَادَ قُوَّةَ الْبَدَنِ، أَوِ الْقُوَّةَ بِالْأَتْبَاعِ، {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أَيْ: أَنْضَمُّ إِلَى عَشِيرَةٍ مَانِعَةٍ. وَجَوَابُ "لَوْ" مُضْمَرٌ أَيْ لَقَاتَلْنَاكُمْ وَحُلْنَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي مَنَعَةٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" (?) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَغْلَقَ لُوطٌ بَابَهُ وَالْمَلَائِكَةُ مَعَهُ فِي الدَّارِ، وَهُوَ يُنَاظِرُهُمْ وَيُنَاشِدُهُمْ مِنْ وراء الباب 177/أوَهُمْ يُعَالِجُونَ تَسَوُّرَ الْجِدَارِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا يَلْقَى لُوطٌ بِسَبَبِهِمْ:
{قَالُوا يَا لُوطُ} إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ، {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} فَافْتَحِ الْبَابَ وَدَعْنَا وَإِيَّاهُمْ، فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلُوا فَاسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي عُقُوبَتِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي