لُوطًا الْأُرْدُنَ، فَأَرْسَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَهْلِ سَدُومٍ فَقَالَ لَهُمْ، {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} يَعْنِي: إِتْيَانَ الذُّكْرَانِ، {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَا يُرَى ذَكَرٌ عَلَى ذَكَرٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَانَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ.
{إِنَّكُمْ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَحَفْصٌ (إِنَّكُمْ) بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، {لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} فِي أَدْبَارِهِمْ، {شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} فَسَّرَ تِلْكَ الْفَاحِشَةَ يَعْنِي أَدْبَارَ الرِّجَالِ أَشْهَى عِنْدَكُمْ مِنْ فُرُوجِ النِّسَاءِ، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} مُجَاوَزُونَ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ لَهُمْ ثِمَارٌ وَقُرَى لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ مِثْلُهَا فَقَصَدَهُمُ النَّاسُ فَآذَوْهُمْ، فَعَرَضَ لَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ، فَقَالَ: إِنْ فَعَلْتُمْ بِهِمْ كَذَا نَجَوْتُمْ، فَأَبَوْا فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِمُ النَّاسُ قَصَدُوهُمْ فَأَصَابُوهُمْ غِلْمَانًا صِبَاحًا، فَأَخَذُوهُمْ وَقَهَرُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَأَخْبَثُوا وَاسْتَحْكَمَ ذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا لَا يَنْكِحُونَ إِلَّا الْغُرَبَاءَ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ إِبْلِيسُ، لِأَنَّ بِلَادَهُمْ أَخْصَبَتْ فَانْتَجَعَهَا أَهْلُ الْبُلْدَانِ، أَيْ: فَتَمَثَّلَ لَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَابٍّ، ثُمَّ دَعَا إِلَى دُبُرِهِ، فَنُكِحَ فِي دُبُرِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى السَّمَاءَ أَنْ تَحْصِبَهُمْ وَأَمْرَ الْأَرْضَ أَنْ تَخْسِفَ بِهِمْ.