عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرٍ بِهَا وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، فَقَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ" (?) . وَقَالَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ (?) .
وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْقَرْيَةَ وَلَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهِمْ وَلَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَلَا تَسْأَلُوا رَسُولَكُمُ الْآيَاتِ، هَؤُلَاءِ قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا رَسُولَهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّاقَةَ فَكَانَتْ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ وَتَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمَ وُرُودِهَا، وَأَرَاهُمْ مُرْتَقَى الْفَصِيلِ مِنَ الْقَارَةِ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَعَقَرُوهَا، فَأَهْلَكَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا يُقَالُ لَهُ أَبُو رِغَالٍ، وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ كَانَ فِي حَرَمِ الله، فمنعه 133/ب حَرَمُ اللَّهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ فَدُفِنَ وَدُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَأَرَاهُمْ قَبْرَ أَبِي رِغَالٍ، فَنَزَلَ الْقَوْمُ فَابْتَدَرُوا بِأَسْيَافِهِمْ وَحَفَرُوا عَنْهُ وَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ الْغُصْنَ (?) .
وَكَانَتِ الْفِرْقَةُ الْمُؤْمِنَةُ مِنْ قَوْمِ صَالِحٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ خَرَجَ بِهِمْ صَالِحٌ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا مَاتَ صَالِحٌ فَسَمَّى حَضْرَمَوْتَ ثُمَّ بَنَى الْأَرْبَعَةُ آلَافٍ مَدِينَةً يُقَالُ لَهَا حَاصُورَاءُ، قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تُوفِي بِمَكَّةَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَأَقَامَ فِي قَوْمِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلُوطًا} أَيْ: وَأَرْسَلْنَا لُوطًا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَاذْكُرْ لُوطًا. وَهُوَ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ تَارِخَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ، {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} وَهُمْ أَهْلُ سَدُومٍ وَذَلِكَ أَنَّ لُوطًا شَخَصَ مِنْ أَرْضِ بَابِلٍ [سَافَرَ] (?) مَعَ عَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُؤْمِنًا بِهِ مُهَاجِرًا مَعَهُ إِلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ إِبْرَاهِيمُ فِلَسْطِينَ وَأَنْزَلَ