[سورة ص (38) : الآيات 13 الى 17]

وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (14) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (15) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (16) اصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)

وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (13) ، الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى الأنبياء، واعلم أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ حِزْبٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَحْزَابِ.

إِنْ كُلٌّ، مَا كُلٌّ، إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَنَزَلَ بِهِمْ عَذَابِي.

وَما يَنْظُرُ، يَنْتَظِرُ، هؤُلاءِ، يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ، إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً، وَهِيَ نَفْخَةُ الصُّورِ، مَا لَها مِنْ فَواقٍ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ فَواقٍ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَقَرَأَ حمزة الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ، فَالْفَتْحُ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَالضَّمُّ لُغَةُ تَمِيمٍ، قال ابن عباس وقتادة: [معناه] [1] مِنْ رُجُوعٍ، أَيْ مَا يُرَدُّ ذَلِكَ الصَّوْتُ فَيَكُونَ لَهُ رُجُوعٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَظْرَةٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَثْنَوِيَّةٌ، أَيْ صَرْفٌ وَرَدٌّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ تِلْكَ الصَّيْحَةَ الَّتِي هِيَ مِيعَادُ عَذَابِهِمْ إِذَا جَاءَتْ لَمْ تُرَدَّ وَلَمْ تُصْرَفْ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ.

فَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: الْفَتْحُ بِمَعْنَى الرَّاحَةِ وَالْإِفَاقَةِ، كَالْجَوَابِ مِنَ الْإِجَابَةِ ذَهَبَا بِهَا إِلَى إِفَاقَةِ الْمَرِيضِ مَنْ عِلَّتِهِ، وَالْفُوَاقُ بِالضَّمِّ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ وَهُوَ أَنْ تُحْلَبَ النَّاقَةُ ثُمَّ [2] تُتْرَكَ سَاعَةً حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فَمَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ فُوَاقٌ، أَيْ أَنَّ الْعَذَابَ لَا يُمْهِلُهُمْ بِذَلِكَ الْقَدْرِ، وَقِيلَ: هَمَا أَيْضًا مُسْتَعَارَتَانِ مِنَ الرُّجُوعِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ يَعُودُ إِلَى الضِّرْعِ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَإِفَاقَةُ الْمَرِيضِ رُجُوعُهُ إِلَى الصِّحَّةِ.

وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (16) ، قَالَ سَعِيدُ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يعني كتابنا، والقط الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَحْصَتْ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا نَزَلَتْ فِي الحاقة [19 و25] : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ، قَالُوا اسْتِهْزَاءً عَجِّلْ لَنَا كِتَابَنَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَعْنُونَ حَظَّنَا وَنَصِيبَنَا مِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي تَقُولُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي عُقُوبَتَنَا وَنَصِيبَنَا مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَهُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ [الْأَنْفَالُ: 32] . وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «قِطَّنَا» حِسَابَنَا، وَيُقَالُ لِكِتَابِ الْحِسَابِ «قِطٌّ» [3] . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْكِسَائِيُّ: الْقِطُّ الْكِتَابُ بِالْجَوَائِزِ.

قَالَ الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ، أَيْ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْكُفَّارُ مِنْ تَكْذِيبِكَ، وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيِ الْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ.

«1802» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أنا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ ثنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015