قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْتَفْتِهِمْ، فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّدُ أَهْلَ مَكَّةَ وَهُوَ سُؤَالُ تَوْبِيخٍ، أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ، وَذَلِكَ أَنْ جُهَيْنَةَ وَبَنِي سَلَمَةَ وبني [1] عَبْدِ الدَّارِ زَعَمُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بنات الله، تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوا كبيرا، يَقُولُ: جَعَلُوا لِلَّهِ الْبَنَاتَ وَلِأَنْفُسِهِمِ الْبَنِينَ.

أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً، مَعْنَاهُ: أَخَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا، وَهُمْ شاهِدُونَ، حَاضِرُونَ خَلْقَنَا إِيَّاهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزُّخْرُفِ: 19] .

أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ، مِنْ كَذِبِهِمْ، لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) .

أَصْطَفَى، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ لَكَاذِبُونَ، أَصْطَفَى مَوْصُولًا عَلَى الْخَبَرِ عَنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَعِنْدَ الْوَقْفِ يَبْتَدِئُ [2] : اصْطَفَى بِكَسْرِ الْأَلِفِ، وَقِرَاءَةُ [الْعَامَّةِ] [3] بِقَطْعِ الْأَلِفِ لِأَنَّهَا أَلِفُ اسْتِفْهَامٍ دَخَلَتْ عَلَى أَلِفِ الْوَصْلِ، فَحُذِفَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ وَبَقِيَتْ أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ مفتوحة مقطوعة، مثل (أستكبرت) وَنَحْوَهَا، [أَصْطَفَى] الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ.

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) ، لِلَّهِ بِالْبَنَاتِ وَلَكُمْ بِالْبَنِينَ.

أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) ، أَفَلَا تَتَّعِظُونَ.

أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) ، بُرْهَانٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ لله ولدا.

فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ

، الَّذِي لَكَمَ فِيهِ حُجَّةٌ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

، فِي قَوْلِكُمْ.

وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً. قال مجاهد وقتادة: وأراد بِالْجِنَّةِ الْمَلَائِكَةَ سُمُّوا جِنَّةً لِاجْتِنَانِهِمْ عَنِ الْأَبْصَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [هم] [4] حَيٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الجن، منهم إِبْلِيسُ، قَالُوا: هُمْ بَنَاتُ اللَّهِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ: بَلْ تَزَوَّجَ [5] مِنَ الْجِنِّ فَخَرَجَ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذلك [علوا كبيرا] [6] ، وَقَدْ كَانَ زَعَمَ بَعْضُ قُرَيْشٍ أن الملائكة بنات اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ فَمَنْ أُمَّهَاتُهُمْ قَالُوا سَرَوَاتُ الْجِنِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى النَّسَبِ أَنَّهُمْ أَشْرَكُوا الشَّيَاطِينَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ، يَعْنِي قائلي هذا المقالة [7] ، لَمُحْضَرُونَ، فِي النَّارِ ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَمَّا قَالُوا فَقَالَ:

سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) ، هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ المحضرين يعني أنهم لا يحضرون.

[سورة الصافات (37) : الآيات 161 الى 171]

فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (162) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163) وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)

وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنَّكُمْ، يَقُولُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَما تَعْبُدُونَ، مِنَ الْأَصْنَامِ.

مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، عَلَى مَا تَعْبُدُونَ، بِفاتِنِينَ، بِمُضِلِّينَ أَحَدًا.

إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163) ، إِلَّا مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ النَّارَ أَيْ سَبَقَ لَهُ في علم الله الشقاوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015