وَقَالَ الْسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: الْتَقَمَهُ ضُحًى وَلَفَظَهُ عَشِيَّةً.

وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ، أَيْ لَهُ، وَقِيلَ: عِنْدَهُ، شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، يَعْنِي الْقَرْعَ عَلَى قَوْلِ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُقَاتِلٌ: كُلُّ نَبْتٍ يَمْتَدُّ [1] وَيَنْبَسِطُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَيْسَ له ساق ولا يبقى في الشِّتَاءِ نَحْوَ الْقَرْعِ وَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ فَهُوَ يَقْطِينٌ، قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: فَكَانَ يُونُسُ يَسْتَظِلُّ بِالشَّجَرَةِ وَكَانَتْ وَعْلَةٌ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ فَيَشْرَبُ [2] مِنْ لَبَنِهَا بُكْرَةً وَعَشِيَّةً حَتَّى اشْتَدَّ لَحْمُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ وَقَوِيَ، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ يَبِسَتِ الشَّجَرَةُ فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا وَأَصَابَهُ أَذَى الشَّمْسِ فَجَعَلَ يَبْكِي، فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ جِبْرِيلَ وَقَالَ: أَتَحْزَنُ عَلَى شَجَرَةٍ وَلَا تَحْزَنُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ مِنْ أُمَّتِكَ وَقَدْ أَسْلَمُوا وَتَابُوا، فَإِنْ قِيلَ: قال هاهنا: فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ، وقال في موضع آخر: لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ [القلم: 49] فهذا [3] ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْبَذْ، قيل: «لولا» هناك ترجع إِلَى الذَّمِّ، مَعْنَاهُ: لَوْلَا نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مذموم، ولكن تداركه بالنعمة فَنُبِذَ، وَهُوَ غَيْرُ [مَذْمُومٍ] [4] .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ قَتَادَةُ: أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمُوصِلِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُ، وَقَوْلُهُ: وَأَرْسَلْناهُ أَيْ وَقَدْ أَرْسَلْنَاهُ مذموما، وَقِيلَ: كَانَ إِرْسَالُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ إِلَيْهِمْ، وَقِيلَ: إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ. أَوْ يَزِيدُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ «وَيَزِيدُونَ» أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِهِ عُذْراً أَوْ نُذْراً [المرسلات: 6] [5] قال مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: مَعْنَاهُ بَلْ يَزِيدُونَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:

أَوْ هَاهُنَا عَلَى أصلها، وَمَعْنَاهُ أَوْ يَزِيدُونَ عَلَى تَقْدِيرِكُمْ [6] وَظَنِّكُمْ، كَالرَّجُلِ يَرَى قَوْمًا فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ أَلْفٌ أَوْ يَزِيدُونَ فَالشَّكُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَخْلُوقِينَ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَيَزِيدُونَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: كَانُوا عِشْرِينَ أَلْفًا.

وَرَوَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم [7] ، وقال الحسن: بضعة وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جبير: سبعين ألفا.

[سورة الصافات (37) : الآيات 148 الى 160]

فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152)

أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (157)

وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)

فَآمَنُوا، يَعْنِي الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ يُونُسُ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ، فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ، أي حين انقضاء آجالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015