وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (27) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (28) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (31)
فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)
بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، أَيِ الرُّؤَسَاءُ وَالْأَتْبَاعُ يَتَساءَلُونَ، يَتَخَاصَمُونَ.
قالُوا، أَيِ الْأَتْبَاعُ لِلرُّؤَسَاءِ، إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ، أَيْ مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَتُضِلُّونَنَا عَنْهُ وَتُرُونَنَا أَنَّ الدِّينَ مَا تُضِلُّونَنَا بِهِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الصِّرَاطِ الْحَقِّ، وَالْيَمِينُ عِبَارَةٌ عَنِ الدِّينِ وَالْحَقِّ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْلِيسَ: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ [الْأَعْرَافِ: 17] ، فَمَنْ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ الْحَقَّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الرُّؤَسَاءُ يَحْلِفُونَ لَهُمْ أَنَّ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كُنْتُمْ تَحْلِفُونَهَا فَوَثِقْنَا بِهَا. وَقِيلَ: عَنِ الْيَمِينِ أَيْ عَنِ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، كَقَوْلِهِ: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) [الْحَاقَّةِ: 45] ، وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
قالُوا، يَعْنِي الرُّؤَسَاءَ لِلْأَتْبَاعِ، بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، لَمْ تَكُونُوا عَلَى الْحَقِّ فَنُضِلَّكُمْ عَنْهُ، أَيْ إِنَّمَا الْكُفْرُ مِنْ قِبَلِكُمْ.
وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ، مِنْ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ فَنَقْهَرَكُمْ عَلَى مُتَابَعَتِنَا، بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ، ضَالِّينَ.
فَحَقَّ، وَجَبَ، عَلَيْنا، جَمِيعًا، قَوْلُ رَبِّنا، يَعْنِي كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السَّجْدَةِ: 13] . إِنَّا لَذائِقُونَ، الْعَذَابَ، أَيْ أَنَّ الضَّالَّ وَالْمُضِلَّ جَمِيعًا فِي النَّارِ.
فَأَغْوَيْناكُمْ، فَأَضْلَلْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى وَدَعَوْنَاكُمْ إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ، إِنَّا كُنَّا غاوِينَ، ضَالِّينَ.
قَالَ اللَّهُ: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (33) [أي] [1] الرُّؤَسَاءُ وَالْأَتْبَاعُ.
إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ [2] .
إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) ، يَتَكَبَّرُونَ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَيَمْتَنِعُونَ مِنْهَا.
وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) يَعْنُونَ [3] النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَدًّا عَلَيْهِمْ: بَلْ جاءَ، مُحَمَّدٌ، بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ، أَيْ أَنَّهُ أَتَى بِمَا أتى به المرسلون قبله.
[سورة الصافات (37) : الآيات 38 الى 49]
إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (38) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42)
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (44) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (47)
وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)