هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ، يَوْمُ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: يَوْمُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ، الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ.

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ أَشْرَكُوا. اجْمَعُوهُمْ إِلَى الْمَوْقِفِ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ، وَأَزْواجَهُمْ، أَشْبَاهَهُمْ [1] وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ، قَالَ قتادة والكلبي: كل من عَمَلٍ مِثْلِ عَمَلِهِمْ فَأَهْلُ الْخَمْرِ مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ وَأَهْلُ الزِّنَا مَعَ أَهْلِ الزِّنَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: قُرَنَاءَهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ كُلُّ كَافِرٍ مَعَ شَيْطَانِهِ فِي سِلْسِلَةٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: وَأَزْوَاجُهُمُ الْمُشْرِكَاتُ. وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فِي الدُّنْيَا، يَعْنِي الْأَوْثَانَ وَالطَّوَاغِيتَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي إِبْلِيسَ وَجُنُودَهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ [يس: 60] ، فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دُلُّوهُمْ إِلَى طَرِيقِ النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: قَدِّمُوهُمْ.

وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّابِقَ هاديا.

وَقِفُوهُمْ، واحبسوهم، يُقَالُ: وَقَفْتُهُ وَقْفًا فَوَقَفَ وُقُوفًا. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا سِيقُوا إِلَى النَّارِ حُبِسُوا عِنْدَ الصِّرَاطِ لِأَنَّ السُّؤَالَ عِنْدَ الصِّرَاطِ، فَقِيلَ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنْ جَمِيعِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْهُ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

«1797» وَفِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعَةِ [2] أَشْيَاءَ: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، [وَعَنْ عِلْمِهِ] مَاذَا عَمِلَ [بِهِ] [3] » .

مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ (5) ، أَيْ لَا تَتَنَاصَرُونَ، يُقَالُ لَهُمْ تَوْبِيخًا: مَا لَكَمَ لَا يَنْصُرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، يَقُولُ لَهُمْ خزنة النار هذا جوابا لِأَبِي جَهْلٍ حِينَ [4] قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [الْقَمَرِ: 44] .

فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَاضِعُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مُنْقَادُونَ، يُقَالُ اسْتَسْلَمَ لِلشَّيْءِ إِذَا انْقَادَ لَهُ وَخَضَعَ لَهُ، وَالْمَعْنَى: هُمُ الْيَوْمَ أَذِلَّاءُ مُنْقَادُونَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015