سُجُودُ الْجَمَادَاتِ وَمَا لَا يَعْقِلُ ظُهُورُ أَثَرِ الصُّنْعِ فِيهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَدْعُو الْغَافِلِينَ إِلَى السُّجُودِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَالتَّدَبُّرِ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ [فُصِّلَتْ: 53] . وَالْمَلائِكَةُ، خَصَّ الْمَلَائِكَةَ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ تَشْرِيفًا وَرَفْعًا لِشَأْنِهِمْ.
وَقِيلَ: لِخُرُوجِهِمْ مِنَ الْمَوْصُوفِينَ بِالدَّبِيبِ إِذْ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ بِهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ، وَتَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ. وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ.
يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَقَوْلِهِ: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ [الأنعام: 18 و61] . وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.
«1259» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ [مُحَمَّدِ بْنِ] [1] سَمْعَانَ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم الشعراني ثنا محمد بن يحيى الذهلي ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ثنا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فِيهَا موضع أربع أصابع إلا وفيه مَلَكٌ يُمَجِّدُ اللَّهَ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ، وَلَصَعِدْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ» ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ شَجَرَةً تُعَضَّدُ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ:
«إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جبهته ساجدا لله» .
وَقالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)
وَيَجْعَلُونَ لِما لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) .
وَلَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ، الطَّاعَةُ وَالْإِخْلَاصُ واصِباً، دَائِمًا ثَابِتًا، مَعْنَاهُ: لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يُدَانُ لَهُ وَيُطَاعُ إِلَّا انْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُ بِزَوَالٍ أَوْ هَلَاكٍ غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ الطَّاعَةَ تَدُومُ لَهُ وَلَا تَنْقَطِعُ.
أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ، أَيْ: تَخَافُونَ، استفهام على طريق الإنكار.