سورة النصر مدنية
وهي ثلاث آيات
* * *
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (?) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
* * *
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ) أي: لك على أعدائك (وَالْفَتْحُ): فتح مكة، فسر به جمهور السلف (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) هو حال إن جعلت رأيت بمعنى أبصرت (فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا) جماعات بعد ما كان يدخل واحدًا واحدًا، أو اثنين اثنين، كانت أحياء العرب ينتظرون فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبي لأنهم أهل الحرم، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل، يعني إذا فتحت مكة قريتك التي أخرجتك، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فقد فرغ شغلنا في الدنيا بك فتهيأ للقدوم علينا، ولذلك قال: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ): نزهه عما يقول الظالمون حامدًا له (وَاسْتَغْفِرْهُ): عما فرط منك من التقصير (?)، أو عن أمتك (إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا): لمن استغفر منذ خلق الخلق، وكان عليه السلام حين أنزلت أخذ في أشد ما كان اجتهادًا في أمر الآخرة، وعن الإمام أحمد: قال عليه السلام لما نزلت: " إذا جاء نصر الله والفتح " (نُعِيَتْ إِليَّ نفسي) بأنه مقبوض في تلك السنة، وعن أكثر السلف: إنها أجله عليه السلام، وفي مسلم، والطبراني، والنسائي: إنَّهَا آخر سورة نزلت من القرآن جميعًا، وعن البيهقي وغيره: إنَّهَا نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع، فيكون نزولها بعد فتح مكة بسنتين، فلابد أن نقول: إن " إذا " الذي هو للاستقبال سلبت عن معناه، وقيل: إن فتح مكة أم الفتوح، والدستور لما يكون بعده من الفتوحات، فهو وإن كان متحققًا في نفسه، لكنه متركب باعتبار ما يدل عليه.
* * *