فالواجب على العالمين ألا يقولوا إلا من حيث علموا، ثم ساق الكلام إلى
أن قال: والقرآن يدل على أن ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب، قال الله - عزَّ وجلَّ: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) الآية، فأقام حجته بأن كتابه عربي.
* * *
الرسالة: ابتداء الناسخ والمنسوخ
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأبان اللَّه لهم، أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب
بالكتاب، وأن السنة لا ناسخة للكتاب، وإنما هي تبع للكتاب بمثل ما نزل نصاً؛ ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملاً، قال الله:
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) .
فأخبر اللَّه أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه، ولم يجعل له تبديله من
تلقاء نفسه.
وفي قوله: (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) الآية.
بيان ما وصفت، من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه، كما كان المبتدئ لفرضه: فهو المزيل المثبت لما شاء منه - جل ثناؤه - ولا يكون ذلك لأحد من خلقه.
وكذلك قال: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) .
وقد قال بعض أهل العلم: في هذه الآية - واللَّه أعلم - دلالة على أن اللَّه جعل لرسوله أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم يُنزل به كتاباً - واللَّه أعلم -.