ويحتمل أن يكون بُعث بألسنتهم: فهل من دليل على أنه بعث بلسان قومه
خاصة دون ألسنة العجم؟
فإذا كانت الألسنة مختلفة بما لا يفهمه بعضهم عن بعض، فلا بد أن يكون
بعضهم تبعاً لبعض، وأن يكون الفضل في اللسان المتَّبع على التابع.
وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز - واللَّه أعلم - أن يكون أهل لسانه أتباعاً لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد، بل كل لسان تبع للسانه، وكل أهل دين قبله فعليهم اتباع دينه، وقد بين اللَّه ذلك في غير آية من كتابة - منها -: وقال اللَّه تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها..
أحكام القرآن: فصل (فيما ذكره الشَّافِعِي رحمه الله في التحريض على تعلم
أحكام القرآن) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ومن جماع كتاب اللَّه - عز وجل -، العلم بأن جميع كتاب اللَّه إنما نزل بلسان العرب، والمعرفة بناسخ كتاب اللَّه ومنسوخه، والفرض في تنزيله، والأدب، والإرشاد، والإباحة، والمعرفة بالوضع الذي وضع اللَّه نبيه صلوات اللَّه عليه وسلامه، من الإبانة عنه فيما أحكم فرضه في كتابه، وبيَّنه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما أراد بحميع فرائضه: أأراد كل خلقه؟ أم بعضهم دون بعض؟
وما افترض على الناس من طاعئه والانتهاء إلى أمره؛ ثم معرفة ما ضرب فيها
من الأمثال الذوال على طاعته، المبينة لاجتناب معصيته، وترك الغفلة عن
الحظ، والازدياد من نوافل الفضل.