قلنا: توارث الناس بالحِلْف والنصرة، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، ثم نسخ
ذلك، فنزل قول اللَّه - عز وجل -: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية.
على معنى ما فرض اللَّه عز ذكره، وسن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لا مطلقاً هكذا.
ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام، ولا رحم له، أو لا
ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله، ولا يرثه الخال، والخال أقرب رحماً منه، فإنما معناها - أي: الآية - على ما وصفت لك من أنها: على ما فرض اللَّه لهم، وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأنتم تقولون: إن الناس يتوارثون بالرحم، وتقولون خلافه في موضع
آخر!.
تزعمون: أن الرجل إذا مات وترك أخواله ومواليه، فمالُه لمواليه دون
أخواله، فقد منعت ذوي الأرحام الذين قد تعطيهم في حال، وأعطيت المولى
الذي لا رحم له المال!.
الرسالة: باب (الاختلاف) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال - أي المحاور - فأقولُ: لك ذلك، لقول الله:
(وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) الآية.
فقلتُ له: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) الآية، نزلت، بأن الناس
توارثوا بالحِلف، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة، فكان المهاجر يرث المهاجر، ولا يرثه من ورثته من لم يكن مهاجراً، وهو أقرب إليه ممن ورثه، فنزلت: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ) الآية، على ما فُرضَ لهم.