قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال أبو يوسف رحمه الله: أخبرنا الثقة من أصحابنا.
عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا وهم محاصرو بني قريظة إذا غلبوا على دارٍ من دورهم أحرقوها، فكان بنو قريظة يخرجون فينقضونها ويأخذون حجارتها ليرموا بها المسلمين، وقطع المسلمون نخلاً من نخلهم فأنزل الله: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) الآية.
قال الشَّافِعِي - رحمه الله -: يقطع النخل ويحرق، وكل ما لا روح فيه كالمسألة قبلها، ولعل أمر أبي بكر رضي الله عنه بأن يكفوا عن أن يقطعوا شجراً مثمراً، إنما هو؛ لأنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبر أن بلاد الشام تفتح على المسلمين، فلما كان مباحاً له أن يفطع ويترك، اختار الترك نظراً للمسلمين، وقد قطع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يوم بنى النضير، فلما أسرع في النخل، قيل له: قد وعدكها الله، فلو استبقيتها
لنفسك، فكفَّ القطعَ استبقاء، لا أن القطع محرّم.
فإن قال قائل: قد ترك في بني النضبر بعد القطع فهو ناسخ له؟
فقد قطع بخيبر وهي بعد بنى النضير، قيل: ثم قطع بالطائف، وهي بعد هذا كله، وآخر غزاة لقي فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتالاً.
* * *
الأم: العبد المسلم يأبق إلى دار الحرب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع نخل من ألوان نخلهم، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى رضاً بما صنعوا من قطع نخيلهم: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) .